للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجب البيان.

ثم انتقل يتكلم على ضمانه وعدم ضمانه، فقال:

(وهو): أي المستأجر لشيء - من حيوان أو عرض - وكذا الأجير كالراعي. وجعل بعضهم الضمير عائداً على من تولى العين المؤجرة؛ فيشمل المؤجر بالفتح كالراعي والمستأجر، كمكتري دابة ونحوها (أمين؛ فلا ضمان) عليه إن ادعى الضياع أو التلف، كان مما يغاب عليه أم لا. ويحلف إن كان متهماً: لقد ضاع وما فرطت. ولا يحلف غيره وقيل: يحلف ما فرط.

وبالغ على عدم الضمان بقوله: (ولو شرط) عليه (إثباته): أي الضمان، ولا عبرة بهذا الشرط، لكن هذا الكلام يوهم صحة عقد الإجارة مع الشرط المذكور مع أنه يفسدها لأنه شرط يناقض العقد. فإن وقع فله أجرة مثله زادت على المسمى أو نقصت - قاله ابن القاسم. ومحل الفساد إن لم يسقط الشرط قبل الفوات، وإلا صحت، والفوات هنا بانقضاء العمل فانقضاؤه في أثنائه كإسقاطه قبله في إفادة الصحة.

والحاصل: أنه شرط مفسد للعقد ما لم يسقط، لكن لو عثر عليه بعد العمل فله أجر مثله ولا يعمل بالشرط.

(أو عثر): بفتح المثلثة عطف على المقدر، فلا ضمان، أي إن ادعى التلف أو عثر أجير حمل أو عثرت دابته (بدهن أو غيره أو) عثر (بآنية فانكسرت أو انقطع الحبل) الذي ربط به الأمتعة فتلفت فلا ضمان عليه.

(ما لم يتعد) في فعله أو سوقه الدابة فإنه يضمن لتعديه. فإن كذبه ربه فلا يصدق في الطعام والإدام إلا ببينة، ويصدق في غيره، والسفينة كالدابة، قال في المدونة: وإن كان الكراء وحده فلا يصدق في الطعام والإدام إذا قال: سرق مني، حمله على نفسه أو دابته أو سفينته. وفيها: ومن استأجرته ليحمل لك دهناً أو طعاماً فحمله فعثر به فأهراقه لم يضمن؛ لأنه أجير والأجير لا يضمن إلا أن يتعدى، فإن كذبته في ذلك وقلت له: لم تعثر ولم يذهب لك شيء فهو ضامن في الطعام والإدام وأما البرز والعروض إذا حملها، فالقول قوله إلا أن يأتي بما يدل على كذبه اهـ. وقال ابن القاسم: لا يضمن الأكرياء سائر العروض ولا شيئاً غير الطعام. وعلى هذا فكان الأنسب بعد قوله: "وهو أمين فلا ضمان" أن يقول: إلا في الطعام والإدام. وعبارة ابن عرفة وفيها مع غيرها لزوم ضمان الأكرياء كالطعام والإدام إلا أن تقوم بينة بهلاكه أو يكون معه ربه. والسفينة كالدابة. وعبارة ابن الحاجب: وفي حمل الطعام يضمن مطلقاً إلا ببينة أو يصحبه ربه.

(أو) لم (يغر بفعل) بأن لم يغر أصلاً أو غر بقوله، فلا ضمان عليه

ــ

تنبيه: قال ابن عبد السلام: ومما يرجع فيه إلى العرف في هذا الباب في المكان كما رجع إليه هنا في الزمان ما قاله بعض الشيوخ: من اكترى على متاع دواب إلى موضع، وفي الطريق نهر لا يجاز إلا على المركب، وقد عرف ذلك كالنيل وشبهه فجواز المتاع على ربه والدواب على ربها، وإن كان يخاض في المخاض فاعترضه حملان بكسر الحاء، أي: سيل كثير لم يعلموا به فحمل المتاع على صاحب الدابة وتلك جائحة نزلت به، وكذلك إذا كان النهر شتويا يحمل بالأمطار إلا أن يكون وقت الكراء قد علموا جريه وعلى ذلك دخلوا فيكون كالنهر الدائم (اهـ).

قوله: [وجب البيان]: أي فإن لم يبين كانت فاسدة.

قوله: [وجعل بعضهم الضمير]: أي في كلام خليل.

قوله: [عائد]: هكذا نسخة المؤلف والمناسب عائداً بالنصب مفعول ثان لجعل.

قوله: [فلا ضمان عليه]: محل كونه أميناً في غير الطعام والإدام كما يأتي.

قوله: [وقيل يحلف ما فرط]: الضمير عائد على غير المتهم أي فيقتصر في يمينه على قوله: ما فرطت، ولا يحلف على الضياع والفرق أن غير المتهم إذا وقع منه ضياع إنما يكون من تفريطه غالباً فيكفي حلفه ما فرطت، وهناك قول ثالث: إنه كالمتهم يحلف لقد ضاع وما فرطت.

قوله: [لكن هذا الكلام يوهم صحة عقد الإجارة]: أي فكان المناسب للمصنف أن يعبر بعبارة أخرى كأن يقول: وفسدت بشرطه والعذر له في أنه تابع لخليل.

قوله: [فانقضاؤه في أثنائه] إلخ: صوابه فإسقاطه إلخ، كما هو عبارة أصوله.

قوله: [بفتح المثلثة]: أي مبنياً للفاعل.

قوله: [عطف على المقدر]: أي الذي قدره بعد قوله: فلا ضمان عليه.

قوله: [أو عثر أجير حمل]: أي حمل على نفسه كالعتالين.

قوله: [وإن كان الكراء]: أي الشخص المكتري على الحمل.

قوله: [فهو ضامن في الطعام والإدام]: أي لحمله على عدم الأمانة فيهما.

قوله [وأما البرز]: هكذا نسخة المؤلف براء وزاي بعد الباء وفي (بن) بزاي بعد الباء فقط فيكون عطف العروض عليها من عطف العام على الخاص.

قوله: [إلا أن يأتي بما يدل على كذبه]: أي كما إذا قال ضاع مني في اليوم الفلاني، وقالت البينة رأيناه معه بعد.

قوله: [غير الطعام]: أي ومنه الإدام.

قوله: [فكان الأنسب] إلخ: أي وكانت هذه المقالة تغنيه عن قوله أو عثر بدهن أو غيره؛ لأن ذكره للدهن يوهم أنه محمول فيه على الأمانة وليس كذلك.

قوله: [الأكرياء]: مفعول أول للزوم وكالطعام والإدام مفعول ثان له والكاف زائدة وإضافة لزوم للضمان بيانية، والمعنى أن الشرع ضمن الأكرياء الطعام والإدام. فإن قلت ما الفرق بين الطعام والإدام وغيرهما حيث حمل في الطعام والإدام على غير الأمانة وحمل عليها في غيرهما. قلت: الفرق تعبدي.

قوله: [والسفينة كالدابة]: أي في التفصيل بين حمل

<<  <  ج: ص:  >  >>