للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيمة النقض يقوم بها مع النقض الحبس.

فقوله: (ولو عقاراً) ناظر لأخذ القيمة التي تضمنها ما قبله، كأنه قال: كأن أتلف، فالقيمة ولو عقاراً يؤخذ بها مثله أو شقصه في غير العقار ويقام العقار بها، وقصد بذلك الرد على قول الشيخ: "ومن هدم وقفاً فعليه إعادته" إذ المشهور أنه يلزمه القيمة كسائر المتلفات ويقام بها الوقف.

(وبيع فضل الذكور) عن النزو (و) بيع (ما كبر) بكسر الباء (من الإناث) وجعل [١] ثمنها (في إناث) لتحصيل اللبن والنتاج منها ليدوم الوقف؛ يعني: أن من أوقف شيئاً من الأنعام لينتفع بألبانها وأصوافها وأوبارها، فنسلها كأصلها في التحبيس. فما فضل من ذكور نسلها عن النزو وما كبر من إناثها فإنه يباع ويعوض عنه إناث صغار لتمام النفع بها.

(لا) يباع (عقار) حبس أي لا يجوز بيعه ولا يصح (وإن خرب) بكسر الراء وصار لا ينتفع به وسواء كان داراً أو حوانيت أو غيرها (ولو بغيره) من جنسه كاستبداله بمثله غير خرب، فلا يجوز. ولا يجوز بيع نقضه من أحجار أو أخشاب؛ فإن تعذر عودها فيما حبست فيه جاز نقلها في مثله على ما تقدم. هذا في الوقف الصحيح، وأما الباطل كالمساجد والمدارس التي بناها الملوك والأمراء بقرافة مصر ونبشوا مقابر المسلمين وضيقوا عليهم فهذه يجب هدمها قطعاً ونقضها محله بيت المال يصرف في مصالح المسلمين. وأما مساجدهم ومدارسهم التي بوسط البلد فنافذة لأنها من مصالح المسلمين.

وإذا منع بيع الوقف وأنقاضه -ولو خرب- فهل يجوز للناظر إذا تعذر عوده من غلة وأجرة أن يأذن لمن يعمره من عنده على أن البناء يكون للباني ملكاً وخلواً، ويجعل في نظير الأرض حكراً يدفع للمستحقين أو لخدمة المسجد؟ أفتى بعضهم بالجواز وهذا هو الذي يسمى خلواً، لا ما يفعله أهل مصر من المفاصلة التي تقدم بعضها، وكثيراً ما يقع من النظار بيع مواقف المسجد وخلواته ليتوصلوا بذلك إلى الاستيلاء على نفس المساجد ويدخلون فيها دوابهم، وبالجملة متى أمكنهم شيء فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون.

(إلا) أن يبيع العقار الحبس (لتوسيع مسجد) جامع فيجوز (أو) توسعة (مقبرة أو طريق) لمرور الناس فيجوز بيع بالوقف لذلك (ولو جبراً) على المستحقين أو الناظر وإذا كان ذلك في الحبس فالملك أولى. (وأمروا) أي المستحقون وجوباً (بجعل ثمنه في حبس غيره) ووجب عليهم ذلك (ولا جبر) أي لا يجبرهم الحاكم على الجعل في حبس غيره: أي لا يقضي عليهم به.

ثم شرع في بيان ما تتناوله ألفاظ الواقف بقوله: (وتناول الذرية) فاعل تناول

ــ

قوله: [قيمة النقص]: بفتح النون وبالصاد.

وقوله: [مع النقض]: بضم النون وبالضاد المعجمة.

قوله: [ويقام بها الوقف]: أي على حسب الطاقة.

قوله: [وبيع فضل الذكور] إلخ: أي يباع ما زاد منها على الحاجة نزواً أو غيره.

قوله: [بكسر الباء]: أي لأن ضمها يكون في المعاني كقوله تعالى: {كبر مقتاً عند الله} [غافر: ٣٥] الآية، وأما الفتح فمعناه الطبل الكبير.

قوله: [ويعوض عنه إناث صغار]: أي يرجى منها النسل واللبن وتجعل حبساً كأصلها.

قوله: [لا يباع عقار]: مفهوم قوله "من غير عقار".

قوله: [وإن خرب]: أشار بذلك لقول مالك في المدونة ولا يباع العقار المحبس ولو خرب، وبقاء أحباس السلف دائرة دليل على منع ذلك، ورد بـ "لو" على رواية أبي الفرج عن مالك إن رأى الإمام بيع ذلك لمصلحة جاز ويجعل ثمنه في مثله وهو مذهب أبي حنيفة فعندهم يجوز بيع الوقف إذا خرب ويجعل ثمنه في مثله.

قوله: [يصرف في مصالح المسلمين]: قال في الأصل تباع لمصالح المسلمين أو يبنى بها مساجد في محل جائز أو قناطر لنفع العامة ولا تكون لوارثهم إذ هم لا يملكون منها شيئاً، وأنى لهم ملكها وهم السماعون للكذب الأكالون للسحت يكون الواحد منهم عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه، فإذا استولى بظلمه على المسلمين سلبهم أموالهم وصرفها فيما يغضب الله ورسوله ويحسبون أنهم مهتدون، وأما ما رتبوه عليها من الوظائف فيجوز تناوله بوصف الاستحقاق من بيت المال ولو لم يعمل بما رتب فيه من أذان أو قراءة أو تدريس أو نحو ذلك اهـ.

قوله: [أفتى بعضهم بالجواز]: المراد به الناصر اللقاني وعليه الأجهوري وأتباعه كما تقدم.

قوله: [وخلواته]: بفتحات جمع خلوة وهو عطف خاص لأن المرافق تشمله.

قوله: [فيجوز]: أي فيجوز البيع لتوسيع المسجد الجامع وما بعده كان الوقف على معينين أو غيرهم، ومعنى الجامع الذي تقام فيه الجمعة قال في المواق ابن رشد ظاهر سماع ابن القاسم أن ذلك جائز في كل مسجد وهو قول سحنون أيضاً وفي النوادر عن مالك والأخوين وأصبغ وابن عبد الحكم أن ذلك في مساجد الجوامع إن احتيج لذلك لا في مساجد الجماعات إذ ليست الضرورة فيها كالجوامع اهـ (بن).

قوله: [وأمروا] إلخ: ذكر المسناوي في فتوى أبي سعيد بن لب أن ما وسع به المسجد من الرباع لا يجب أن يعوض فيه ثمن إلا ما كان ملكاً أو حبساً على معين، وأما ما كان حبساً على غير معين كالفقراء فلا يلزم تعويضه أي دفع ثمن فيه؛ لأنه إذا كان على غير معين لم يتعلق به حق لمعين وما يحصل من الأجر لواقفه إذا دخل في المسجد أعظم مما قصد تحبيسه لأجله أولاً اهـ (بن).


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (جعل).

<<  <  ج: ص:  >  >>