للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو خيف عليه الموت. فإن كان مقطوع اليد اليمنى أو أشلها قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى، وإن كان مقطوع الرجل اليسرى فيده اليسرى ورجله اليمنى، فإن لم يكن له إلا يد أو رجل قطعت، فإن كان له يدان فقط أو رجلان فقط قطعت اليد اليمنى فقط أو الرجل اليسرى فقط.

وأشار إلى الحد الرابع بقوله: (ونفي الذكر الحر كـ ما ينفى في الزنا): إلى مثل فدك وخيبر ويحبس للأقصى من السنة وظهور التوبة.

(وضرب) قبل النفي (اجتهاداً) بحسب ما يراه الحاكم.

وهذه الحدود الأربع يخير فيها الإمام وليس الكلام لمن قطعت يده مثلا؛ لأن ما يفعله الإمام بالمحارب ليس لخصوص هذا الشخص المصاب بل لأجل الحرابة والتخيير بين الأربع في حق المحارب الذكر، أما المرأة فلا تصلب ولا تنفى إنما حدها القتل أو القطع من خلاف. وأما حد الرقيق فما عدا النفي.

(ودفع ما بأيديهم): أي المحاربين (لمدعيه) حيث وصفه كاللقطة (بعد الاستيناء) لعل أن يأتي غيره بأثبت مما وصف (بيمين) من المدعي لذلك الشيء ولا يؤخذ منه حميل. نعم إن جاء غيره بأثبت منه نزعه الإمام له (أو ببينة) رجلين (من الرفقة): أي رفقة المأخوذ منه، وأولى غيرهم ما لم يكن أباه أو ابنه ومثلهما الرجل والمرأتان أو أحدهما بيمين.

والمحاربون حملاء: فمن قدر عليه أخذ منه جميع ما سلبه هو وأصحابه ولو لم يأخذ منه شيئاً - كالبغاة والغصاب واللصوص- ويتبع المحارب كالسارق إذا لم يحد أو أيسر من الأخذ للحد.

(ولا يؤمن) المحارب أي لا يعطيه الإمام أماناً (إن سأله) الأمان فإن امتنع بنحو حصن حتى أمن فهل لا يتم له الأمان؟ خلاف.

(ويثبت الحد) المتقدم من قتل [١] إلخ (بشهادة عدلين أنه) أي هذا الشخص هو (المشهور بها): أي بالحرابة بين الناس، وإن لم يعايناه حالة الحرابة.

(ويسقط) حدها فقط دون حد الزنا والقذف والشرب والقتل (بإتيانه): أي المحارب (الإمام) أو نائبه (طائعاً) قبل القدرة عليه؛ فلا يسقط حكمها بتوبته بعد القدرة عليه، كما لا يسقط الضمان بإتيانه طائعاً مطلقاً، وعطف على قوله بإتيانه (أو بترك) المحارب (ما هو عليه) من الحرابة ولو لم يأت الإمام.

ــ

غير الفاضل، عليه مندوبة في كل من قتل في حد من حدود الله.

قوله: [ولو خيف عليه الموت]: أي لأنه أحد حدوده.

قوله: [قطعت يده اليسرى]: إلخ: إنما فعل ذلك ليكون القطع من خلاف لمطابقة الآية.

قوله: [قطعت]: أي اليد أو الرجل لقوله في الحديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

قوله: [قطعت اليد اليمنى فقط] إلخ: لف ونشر مرتب ولا يجمع بين قطع اليدين ولا الرجلين لأنه ليس بحد شرعي.

قوله: [للأقصى من السنة وظهور التوبة]: أي للأبعد منهما، ومعناه أنه إن ظهرت توبته قبل السنة كمل بحبسه السنة وإن مضت السنة ولم تظهر توبته بقي حتى تظهر توبته أو يموت، وظهور التوبة لا بد أن يكون ظهوراً بيناً لا مجرد كثرة صومه وصلاته كما أفاده في الحاشية.

قوله: [وضرب قبل النفي اجتهاداً]: الضرب لم يؤخذ صريحاً من القرآن لأن ظاهره النفي فقط.

قوله: [فلا تصلب ولا تنفى]: أي لما في الصلب من الفضيحة وفي النفي زيادة مفاسد، وسكت عن الصبي وحكمه أنه يعاقب ولا يفعل معه شيء من هذه الحدود ولو حارب بالسيف والسكين كذا في الحاشية.

قوله: [حيث وصفه كاللقطة]: حاصله أن مدعي المال الذي بأيدي المحاربين لا يدفع له إذا لم يثبته بالبينة إلا بشروط ثلاثة: بعد الاستيناء، وبعد اليمين، وبعد وصفه كاللقطة، ومحل أخذ المدعى له بتلك الشروط كما قال ابن شاس نقلاً عن أشهب إذا أقر اللصوص أن ذلك المتاع مما قطعوا فيه الطريق، فإن قالوا هو من أموالنا كان لهم وإن كان كثيراً لا يملكون مثله، ونقله ابن عرفة مقتصراً عليه أفاده (بن).

قوله: [ولا يؤخذ منه حميل]: قال في التوضيح هو ظاهر المدونة، وقال سحنون بل بحميل. وقال في مختصر الوقار إن كان من أهل البلد فبحميل وإن كان من غيرهم فبلا حميل لأنه لا يجد حميلاً أفاده (بن).

قوله: [رجلين من الرفقة]: أي المقاتلين للمحاربين واشترط في المدونة عدم التهمة كما في المواق وغيره وقول التحفة:

ومن عليه وسم خير قد ظهر. . . إلخ يقتضي أن العمل على الاكتفاء بتوسم الخير كما في (بن).

قوله: [كالبغاة] إلخ: أي متى ظفر بواحد فإنه يغرم عن الجميع كما في الرسالة، ومشى عليه ابن رشد.

قوله: [ويتبع المحارب السارق] إلخ: هذا هو المشهور.

قوله: [ولا يؤمن المحارب]: أي بخلاف المشرك لأن المشرك يقر على حاله إذا أمن ولو كان بيده أموال المسلمين بخلاف المحارب.

قوله: [ويسقط حدها] إلخ: أي إذا كان لم يقتل أحداً وإلا وجب قتله قصاصاً وإن جاء تائباً إن لم يعف ولي الدم كما تقدم.

قوله: [طائعاً]: أي ملقياً سلاحه وإن لم تظهر توبته، وفهم منه أن وعده بأنه يأتي طائعاً لا يسقط عنه حده وهو كذلك، والفرق بين سقوطها بما ذكر وإن لم يتب وبين عدم سقوط حد السرقة بتوبته وعدالته أن السرقة أخذ المال خفية والتوبة أمر خفي فلا يزال حد شيء خفي بأمر خفي، والحرابة ظاهرة للناس فإذا كف أذاه لم يبق لنا فائدة في قتله لأن الأحكام تتبع المصالح.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (من قتل).

<<  <  ج: ص:  >  >>