للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو من أعظم القرب لما في الصحيحين وغيرهما، من قوله صلى الله عليه وسلم: «من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج» ومع ذلك: صلة الرحم أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم للتي أعتقت رقبة: «لو كنت أخدمتيها أقاربك كان أعظم لأجرك»، وقد أعتق صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين رقبة.

(وأركانه) أراد بالركن: ما يتوقف عليه الشيء (ثلاثة المعتق) بكسر التاء (وشرطه: التكليف): شمل السكران بحرام، لما تقدم أنه يلزم جنايته وطلاقه وعتقه والحدود بخلاف المعاملات.

(والرشد): فلا يلزم السفيه عتق؛ ولو علق وهو سفيه فحصل المعلق عليه وهو رشيد على الأظهر. أما الصبي إذا علق ثم حصل المعلق عليه بعد بلوغه فلا يلزمه العتق اتفاقاً لأنه غير مكلف، ولو أعتق السفيه أم ولده لزم لأنه ليس له فيها غير الاستمتاع وقليل الخدمة.

(ولزم) العتق مكلفاً (غير محجورلا مريضاً) في زائد ثلثه كما قال فللوارث رده (وزوجة فيما زاد على ثلثه): أي ثلث المحجور عليه من مريض وزوجة. ورد الوارث إيقاف، والزوج قيل: إيقاف، وقيل: إبطال.

(ومديناً) فلا يلزم عتقه إن (أحاط دينه) بماله ولو لم يحجر عليه (فلغريمه رده): أي العتق حيث استغرق الدين جميع الرقبة (أو) رد (بعضه) إن لم يستغرق جميعها. فإذا كان عليه عشرون والعبد يساويها فللغريم رد العتق، وإن كان العبد يساوي أربعين فلرب الدين الرد بقدر دينه، فيباع من الرقيق بقدر الدين إن وجد مشتر لذلك، وإلا رد الجميع. ومحل كون الغريم له الرد: (إلا أن يعلم) بالعتق ولم يرد فليس له رد (أو يطول) زمن العتق وإن لم يعلم، والطول؛ بأن يشتهر المعتوق بالحرية وتقبل شهاداته مما هو من أحكام الحرية. وقيل: زيادة على أربع سنين فإذا طال فلا رد؛ لأن الطول مظنة العلم، فلا يفيده قوله: لم أعلم بالعتق؛ بخلاف هبة المدين وصدقته فيردان

ــ

منه عتق العبد يعتق عتقاً وعتاقة وعتاقاً اهـ. وسمي البيت بالعتيق إما لخلوصه من يد الجبابرة إذ لم يملكه جبار، وإما لأن الله أعتقه من الغرق بالطوفان.

قوله: [فهو من أعظم القرب]: أي ولذا شرع كفارة للقتل، وأجمعت الأمة على منع عتق غير الآدمي من الحيوان لأنه السائبة المحرمة في القرآن كان الرجل في الجاهلية يقول إن قدمت من سفري فناقتي سائبة ويصير الانتفاع بها حراماً عندهم قال الله تعالى: {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة} [المائدة: ١٠٣]. فالآية وإن لم تصرح بالتحريم لكنها مستلزمة له.

قوله: [ومع ذلك] إلخ: هذا الكلام لا محل له ولا منازع فيه.

قوله: [ثلاثاً وستين رقبة]: هذا العدد لا مفهوم له وإلا فقد ثبت في الصحيح «أنه أعتق من هوازن ستة آلاف نسمة».

قوله: [وأركانه]: أي العتق.

وقوله: [ثلاثة]: أي وقد أفادها بقوله: "المعتق ورقيق الذي هو الذات المعتوقة وصيغة".

قوله: [أراد بالركن ما يتوقف عليه الشيء]: جواب عن سؤال وهو أن الركن ما كان داخل الماهية والمعتق والمعتوق ليسا داخلين وإلا لصح حملهما على العتق كما يحمل الحيوان والناطق على الإنسان وهو باطل.

قوله: [شمل السكران بحرام]: أي على القول المشهور ومقابله عدم صحة عتقه، والخلاف في السكران الذي عنده نوع من العقل، وأما الطافح الذي لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فهذا لا خلاف في أنه كالمجنون في جميع أحواله: وأقواله فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين الناس إلا ما ذهب وقته من الصلوات فإنه لا يسقط عنه ذكر (ح) أن التفصيل في قول القائل:

لا يلزم السكران إقرار عقود ... بل ما جنى عتق طلاق وحدود

إنما ذكره ابن رشد في السكران الذي معه ضرب من العقل، قال: وهذا مذهب مالك وعامة أصحابه وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب اهـ ملخصاً من (بن).

قوله: [لما تقدم أنه]: أي الحال والشان.

وقوله: [يلزم جنايته]: بيان لمرجع الضمير.

قوله: [فلا يلزم السفيه عتق]: أي وإن كان صحيحاً له إمضاؤه إذا رشد ما لم يكن رده وليه قبله.

قوله: [لأنه ليس له فيها] إلخ: أي وهو غير متمول والحجر عليه إنما يكون في الماليات.

قوله: [ولزم العتق مكلفاً]: خرج الصبي والمجنون.

وقوله: [غير محجور]: خرج السفيه في القليل والكثير والمريض والزوجة في زائد الثلث، والمدين في القليل والكثير، فلذاك ذكر المحترزات بقوله "لا مريضاً" إلخ.

قوله: [كما قال فللوارث رده]: كلامه يوهم أن القائل المصنف وليس كذلك فالصواب حذف قوله "كما قال".

قوله: [والزوج قيل إيقاف وقيل إبطال]: صوابه أن يقول والزوج قيل إبطال وقيل لا إبطال ولا إيقاف؛ لأن أشهب يقول بالأول وابن القاسم يقول بالثاني وحجة ابن القاسم قول المدونة في النكاح الثاني لو رد عتقها ثم طلقها لم يقض عليها بالعتق ولا ينبغي لها ملكه اهـ. أي فلو كان إبطالاً لجاز لها ملكه ولم يطلب منها تنفيذ عتقه، وقد يقال هو إبطال كما قال أشهب، ولكن لما كانت نجزت عتقه حال الحجر طلب منها ندباً تنفيذه عند زوال الحجر.

قوله: [وإلا رد الجميع]: أي ويباع كله.

قوله: [ولم يرد]: أي حين علمه.

قوله: [أو يطول زمن العتق] إلخ: أي مع حضور رب الدين.

وقوله: [وإن لم يعلم]: أي والحال أنه لم يعلم غريمه فالطول وحده كاف ولا ينظر لقول

<<  <  ج: ص:  >  >>