أحدهما: ما مر في صدر المقدمة، ولا نزاع في رجوعها إلى نفس اللفظ.
والثاني: وصف في الكلام يقع به التفاصيل ويثبت الإعجاز، وعليه يطلق، البلاغة، والبراعة، والبيان، وما شاكل ذلك، ولا نزاع - أيضاً - في أن الموصوف بها - عرفاً - هو: اللفظ، إذ يقال: لفظ فصيح، ولا يقال معنى فصيح، وإنما النزاع في أن منشأ هذه الفضيلة ومحلها أهو اللفظ أم المعنى؟ والشيخ ينكر على كلا الفريقين، ويقول إن الكلام الذي يدق فيه النظر ويقع به التفاضل هو الذي يدل بلفظه على معناه اللغوي، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية على المعنى المقصود.
فهناك ألفاظ، ومعان أول، ومعان ثوان، فالشيخ يطلق على المعاني الأول، بل على ترتيبها في النفس، ثم على ترتيب الألفاظ على حذوها في النظم، اسم: النظم، والصور، والخواص، والمزايا، والكيفيات، ونحو ذلك.
ويحكم - قطعاً - بأن الفصاحة من الأوصاف الراجعة إليه، وأن الفضيلة التي بها يستحق الكلام أن يوصف بالفصاحة والبلاغة والبراعة، وما شاكل ذلك إنما هي فيها، لا في الألفاظ المنطوقة التي هي الأصوات والحروف، ولا في المعاني الثواني، التي هي الأغراض التي يريد المتكلم إثباتها أو نفيها.
فحيث يثبت أنها من صفات الألفاظ أو المعاني، فإنه يريد بها تلك المعاني الأول وحيث ينفي أن تكون من صفاتها فإنه يريد بالألفاظ، الألفاظ المنطوقة وبالمعاني، المعاني الثواني، التي جعلت مطروحة في الطريق، وسوى فيها بين الخاصة والعامة وللبلاغة في الكلام: طرفان: أعلى، وإليه تنتهي البلاغة، وهو: حد الإعجاز وما يقرب منه، وهو: أن يرتقي الكلام في بلاغته إلى أن يخرج عن طوق البشر، ويعجزهم عن معارضته وأسفل؛ وهو: ما إذا غير الكلام عنه إلى ما دونه التحق عند البلغاء بأصوات