للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما أمر بتقوى الله تعالى والخوف من عقابه، تطلعت نفس المخاطب إلى السؤال عن السبب الذي من أجله كان هذا الأمر، فأردف ذلك بقوله {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}.

واستمع إلى قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} (١).

المخاطبون هنا لا ينكرون غفران الله تعالى للذنوب، فكان ظاهر حالهم يدعون إلى الإتيان بالكلام خالياً من أي تأكيد، ولكن لما كانوا قد أصرفوا على أنفسهم في مقارفة الذنوب، ونهاهم الله تعالى عن اليأس من رحمته، تطلعت نفوسهم إلى الخبر، طالبة له، وكأنهم سألوا: هل سيغفر الله الذنوب جميعاً؟ فقيل: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} مؤكداً بتأكيد واحد يجيب عن تساؤلهم ويذهب ترددهم.

وهكذا الشأن في قوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢)، وقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} (٣)، وقوله تعالى: على لسان لقمان -: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (٤).

وقوله - جل وعلا - {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (٥).

على أن هذا الأسلوب - وهو من خصائص التعبير القرآني - قد


(١) ... الزمر: ٥٣.
(٢) ... الذاريات: ٥٥.
(٣) ... هود: ٩٠.
(٤) ... لقمان: ١٧.
(٥) ... التوبة: ١٠٣.

<<  <   >  >>