للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: إسناد الفعل إلى ما يتصف به مثل: مرض زيد، وبرد الماء، وأمطرت السماء (١).

وأما قوله: (عند المتكلم) فمعناه: أن العبرة بما يعتقده المتكلم، وأن الحكم على قوله بأنه حقيقة، إنما يتوقف على اعتقاده، فالمسلم حين يقول أنبت الله الزهر يكون كلامه جاريًا على نهج الحقيقة في الإسناد. وإذا قال أنبت الربيع الزهر، كان كلامه جاريًا على نهج المجاز في الإسناد.

ولكن الملحد إذا قال: أنبت الربيع الزهر، كان كلامه جاريًا على نهج الحقيقة، لأنه استند الفعل إلى ما هو له عنده وفي اعتقاده؛ ومنه قول الله تعالى - حكاية عن الكافرين - {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} (٢).

إذا اسندوا الإهلاك إلى الدهر وهم يعتقدون ذلك، فقد أسندوا الفعل إلى ما هو له في اعتقادهم.

وقد أشار بقوله "في الظاهر" إلى أن الإسناد في قول القائل إنما يكون حقيقة إذا كان ذلك ظاهرًا من حاله، أما ما يضمره في نفسه فلا شأن لنا به.

ولهذا كان قول الملحد لمن لا يعرف حاله: أنبت الله البقل حقيقة، لأنه - وإن لم يكن يعتقد ذلك - إلا أنه لا يعرف حاله.

ولهذا كانت صور الإسناد الحقيقي - عند الخطيب - أربعة:

الأولى: صورة تطابق الواقع والاعتقاد كليهما وذلك كقول المؤمن "أنبت الله البقل".


(١) ... عروس الأفراح ١/ ٢٢٨.
(٢) ... الجاثية: ٢٤.

<<  <   >  >>