الكلمة، - لا في الكلمة نفسها - وهو المجاز العقلي - أو المجاز الحكمي -.
ولهذا فإننا نراه يعطي المجاز العقلي ما أعطاه المجاز اللغوي من الحكم بأن كلًا منهما يفخم به المعنى، ويشرف به اللفظ، وتحدث فيه النباهة.
يقول عبد القاهر:"وأعلم أن الذي ذكرت لك في المجاز هناك: من أن من شأنه أن يفخم عليه المعنى، وتحدث فيه النباهة، قائم لك مثله ههنا، فليس يشتبه على عاقل أن ليس حال المعنى وموقعه في قوله: "فنام ليلى وتجلى همي، كحاله موقعه إذا أنت تركت المجاز، وقلت: فنمت في ليلي وتجلى همي، كما لم يكن الحال في قولك: رأيت أسدًا، كالحال في "رأيت رجلًا كالأسد".
ومن الذي يخفي عليه مكان العلو وموضع المزية وسورة الفرقان بين قوله تعالى:{فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} وبين أن يقال: فما ربحوا في تجارتهم.
وإن أردت أن تزداد للأمر تبينًا، فانظر إلى بيت الفرزدق:
يحمي - إذا اخترط السيوف - نساءنا ... ضرب تطير له السواعد أرعل
وإلى رونقه ومائه، وإلى ما عليه من الطلاوة، ثم ارجع إلى الذي هو الحقيقة، وقال: نحمي - إذا خترط السيوف - نساءنا بضرب تطير له السواعد أرعل ص ١٧٠، ثم أسير حالك هل ترى مما كنت تراه شيئًا؟ .
فكل من المجاز اللغوي والمجاز العقلي يفخم به المعنى، ويشرف به اللفظ، وتحدث به النباهة - كما رأيت -.
وكذلك نرى عبد القاهر يقسم المجاز العقلي إلى العامي المبتذل، والخاصي الذي لا يكمل له كل أحد، تمامًا كما قسم الاستعارة إلى العامية، والخاصية، ويجعلهما قربنين في هنا الأمر الذي تشعر معه بإيراد المعنى الواحد