للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو أن الذكر هو الأصل، والحذف فرع عن الذكر والأصل الذي لا يتم الكلام بدونه لا بحث للبلاغة فيه.

ومن هنا أخذ البلاغيون - من بعده - أول أغراض ذكر المسند إليه وهو: أنه الأصل، ولا مقتضى للعدول عن ذلك الأصل.

والمنهج الذي رسمه عبد القاهر لنظريته في النظم البلاغي - والذي أسلفناه لك - قد تضمن موضوع الحذف والتكرار. ولم يتعرض لموضوع الذكر. وقد التزم عبد القاهر بمنهجه، فلم يهتم بموضوع الذكر، واهتم بموضوع الحذف.

وأنت إذا ما راجعت نظريته في النظم البلاغي. وجدته يقول فيها: ويتصرف في التعريف والتنكير. والتقديم والتأخير في الكلام كله. وفي الحذف والتكرار؛ والإضمار والإظهار. فيضع كلا من ذلك مكانه، ويستعمله على الصحة وعلى ما ينبغي له".

على أن المسند إليه قد يفهم من عبارته التي يقول فيها "رب حذف هو قلادة الجيد وقاعدة التجويد، لأن التعبير بقوله (رب) يفيد أنه ليس كل حذف كذلك؛ بل قد يكون الذكر هو قلادة الجيد وقاعدة التجويد.

وفي رأينا أنه بالإضافة إلى ما تفيد تلك العبارة السالفة الذكر من أن عبد القاهر يقصد أن الذكر قد يطلبه المقام - بالإضافة إلى هذا فإن التكرار الذي أورده عبد القاهر في نظرية النظم هو المقصود بالذكر، ولكنه لم يخصه بفصل في الدلائل يبين فيه مزاياه في نظم الكلام:

وقد بين المتأخرون شيئًا من مزايا - ذكر المسند إليه - وإن كان جل اهتمامهم قد تجلى في بيان مزايا تكراره.

<<  <   >  >>