للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا فإننا سوف نتناول بالحديث في هذا الموضوع مسألتين:

الأولى: ذكر المسند إليه، والثانية: تكرار المسند إليه:

يقول البلاغيون إن ذكر المسند إليه واجب إذا لم تكن هناك قرينة تدل عليه. من لفظ أو حال، لأنه لا يعرف إلا بها، ولا شأن للبلاغيين به، لأنه لا تمام المعنى الأصلي بدونه.

فإذ ما دلت عليه قرينة من لفظ أو حال، فإنه يجوز ذكره وحذفه، وحينئذ يكون داخلًا في مجال بحث للبلاغيين، لأنهم يبحثون مرجحات الذكر على الحذف، أو مرجحات الحذف على الذكر.

ومرجحات ذكر المسند إليه هي الأغراض التي تدعو إلى ذكره.

والبلاغيون يبدءون حديثهم عن أغراض ذكر المسند إليهم بقولهم: أن يكون ذكر المسند إليه هو الأصل، ولا مقتضى للعدول عن ذلك الأصل. فإذا كنت مع صديق لك تنتظر أن قدوم محمد - مثلًا - ثم رأيته. فقال: "قدم محمد" كنت بذلك قد ذكرت المسند إليه وهو: "محمد" مع قيام قرينة الحال عليه؛ ولو قلت: (قدم) وحذفت المسند إليه لكان ذلك جائزًا - أيضًا - هكذا قالوا:

ولكنك ترى أن قيام القرينة على المسند إليه قد أتى بداع من دواعي الحذف، وهو الاحتراز عن العبث.

ولهذا فإن كونه هو الأصل؛ ولا مقتضى للعدول عن ذلك الأصل. ينبغي ألا يشغل البلاغيون به أنفسهم؛ لأنه مما لا يقع تحت طائلة البلاغة.

<<  <   >  >>