فإذا ما كانت القرينة ضعيفة غير كاشفة للمسند إليه؛ فإنه يجب ألا يعول عليها لضعفها وضعفها يرجع إلى واحد من أمرين:
الأول: أن تكون القرينة غير واضحة، وذلك كأن يذكر المسند إليه في حديث، ثم تمضي فترة، حتى يطول عهد السامع به، فيذكر ثانيًا لاحتمال غفلة السامع عنه، لطول العهد به:
الثاني: أن يشتبه في أمر القرينة، وذلك كأن يذكر المسند إليه في حديث، ثم يحول مجرى الحديث إلى غيره، فيذكر المسند إليه لئلا يلتبس الأمر على السامع، فلا يعلم المحدث عنه على وجه اليقين، وذلك كأن يكون الحديث عن شوقي ثم يجري الحديث عن شاعر غيره، فإذا ما أردت مدح شوقي حينئذ قلت؛ شوقي نعم الشاعر. وهذا هو المقصود بقولهم "وإما لضعف التعويل على القرينة".
وقد تكون القرينة واضحة بينه كاشفة للمسند إليه، ولكن الأديب أو الشاعر يريد أن ينبه إلى أن السامع غبي لا يفهم المحذوف مع وجود قرائنه الكاشفة الموضحة، فيذكر المسند إليه إشارة إلى هذا الغرض.
وذلك كما نقول لمن يسمع القرآن؛ ولكنه لا يحفل به:"القرآن شفاء القلوب"، فتذكر المسند إليه - مع إمكان حذفه لوجود القرينة - وذلك لكي تنبه إلى أن السامع غبي، لا يفهم إلا بالتصريح بالمسند إليه.
وقد تكون القرينة - أيضًا كاشفة موضحة؛ إذا حذف المسند إليه دلت عليه القرينة دلالة واضحة؛ ولكن المتكلم يريد أن يصرح به إظهارًا لتعظيمه وتفخيمه، لأن اللفظ مما يدل على التعظيم، أو إظهارًا لتحقيره والتهوين من شأنه عن شأنه، لأن اللفظ مما يدل على التحقير:
فمثال الأول: قولك "قائد الجيش قادم" ومثال الثاني: اللئيم قادم.