فقد صرحت بالمسند إليه في الأول وهو (قائد الجيش) لأنه رمز القوة تعظيمًا له وتهويلًا للمخاطب وصرحت بالمسند إليه في الثاني وهو (اللئيم) لأنه لفظ يدل على الحقارة والمهانة تحقيرًا له وتهوينًا لشأنه.
وقد تكون القرينة - أيضًا - كاشفة موضحة، إذا حذف المسند إليه دلت عليه القرينة دلالة واضحة، ولكن المتكلم يريد التبرك بذكره، أو التلذذ به:
فمثال ذكر المسند إليه للتبرك قولك: هل قال رسول الله كذا؟ فتذكر المسند إليه وهو، (رسول الله) تيمنًا بذكر اسمه وتبركًا به.
ومثال ذكر المسند إليه للتلذذ به، قولك:(ليلى أقبلت)، و (بثينه سلمت).
وقد يكون الغرض من وراء ذكر المسند إليه - مع دلالة القرينة عليه - هو القصد إلى بسط الكلام وإطالته، وذلك حيث يكون إصغاء للسامع مطلوبًا للمتكلم لخطر مقامه، أو لقربه من قلبه ولهذا بحسن إطالة الكلام مع الأحبة:
وذلك كما في قوله تعالى - حكاية لقول موسى عليه السلام:"هي عصاي" جوابًا عن سؤال تعالى: "وما تلك بيمينك يا موسى؟ " وقد كان يكفي في الجواب أن يقول "عصا" لأن "ما" للسؤال عن الجنس؛ ولكنه ذكر المسند إليه؛ وهو الضمير (هي) حبًا في طالة الكلام في حضرة الذات العلية - وأي مقام هو أدعى إلى بسط الكلام فيه كهذا المقام؟ -؛ ولهذا لم يكثف سيدنا موسى عليه السلام - بذكر المسند إليه، ولكنه أردف ذلك بذكر أوصاف لم يسأل عنها، فقال أتوكأ عليها، وأهش بها على غنمي، ولي فيها مآرب أخرى ولعله لم يذكر هذه المآرب طمعًا في أن يسأل عنها، فيجيب، فيتلذذ بالسؤال. والجواب معًا.