للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنا التاركون لما سخطنا ... وأنا الآخذون لما هوينا

وأنا الطالبون إذا نقمنا ... وأنا الضاربون إذا ابتلينا

وأنا النازلون بكل ثغر ... يخاف النازلون به المنونا

نجد أن الشاعر قد حرص لي ذكر ضميره لكي يسند إليه تلك الأفعال أو المناقب التي عددها، والتي علمت بها قبائل معد كلها، في صورة واضحة ومؤكدة.

وكما يجيء هذا الأسلوب في تعديد المناقب والمآثر - كما رأيت - يجيء - أيضاً - في تعديد المثالب؛ وذلك ما تجده في حياتك اليومية من أنك إذا أردت أن تشكو شخصاً إلى صاحب له قلت: هو الذي فعل كذا، وهو الذي فعل كذا، وهو الذي فعل كذا.

ويعد هذا الأسلوب - وهو ذكر المسند إليه لكي أسند إليه الأحداث في صورة واضحة ومؤكدة - خاصية من خواص النظم القرآني:

استمع إلى قول الله تعالى: "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١) ".

فقد أتى بالمسند إليه مع كل حكم من الأحكام السالفة؛ وهي: كفرهم بالله تعالى، وتعليقهم بالأغلال من أعناقهم، وإلقاؤهم في نار جهنم مخلدين فيها.

وتأمل النظم القرآني بالآية الكريمة تجد أنه قد قسم هذه الأحداث إلى مراحل ثلاث: الأولى: مرحلة الحياة وما فيها من تكليف، والثانية: مرحلة البعث وما فيه من حساب، والثالثة: مرحلة الجزاء وما فيه من عذاب.


(١))) الرعد: ٥

<<  <   >  >>