للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد في الأبيات: أنه عبر عن المسند إليه في قوله: (الله يعلم) بصيغة العلم قصدا إلى احضار مدلوله باسمه الخاص به، حتى لا يلتبس بغيره.

ويغلب على ظني أن هذه الأبيات قد قالها الحارث بن هشام بعد إسلامه وذلك لأن عبارة: (الله يعلم) عبارة إسلامية لم نعهدها في عبارات المشركين لأنهم لم يكونوا يقسمون بالله تعالى، وإنما كانوا يقسمون باللات والعزى وغيرهما مما كانوا يعبدونه من أصنام، ولأن الضمائر في البيت الأخير لا مرجع لها في الأبيات إلا إلى المسلمين، أي أنه قد ترك قتالهم وأحبته من المسلمين فيهم - طمعاً في أن يجدوا في هذا اليوم الذي كانوا يترقبونه فرصة لعقاب المشركين.

ويمثلون لهذا الغرض بقول المتنخل يرثي أخاه عويمرا (١):

لعمرك ما إن أبو مالك ... بواه ولا بضعيف قواه

ولا بألد له نازع ... يعادي أخاه إذا ما نهاه

ولكنه هين لين ... كعالية الرمح عرد نساه

إذا سدته سدت مطواعة ... ومهما وكلت إليه كفاه

ألا من ينادي أبا مالك ... أفي أمرنا هو أم في سواه؟

أبو مالك قاصر فقره ... على نفسه ومشيع غناه

فقد وصف الشاعر أخاه بالقوة في غير تهور، وباللين في غير ضعف، وبالسماحة لإخوانه إذا أوكلوا إليه أمراً قام به، ثم وصفه بكرم الطبع


(١))) ديوان الحماسة حـ ١ صـ ٦٥

<<  <   >  >>