للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد مكنه التعبير بالموصول في البيت الثاني إلى أن يشير إلى أن هذا القول ساقط غير منسوب إلى عاقل يستحق أن يذكر، ولهذا عبر عنه بالبناء للمجهول في لفظة "قيل"، وذلك ما يوحي به قوله: "الذي قد قيل" (١).

وقد يكون التعبير بالموصول سبيلا إلى تقرير الغرض المسوق له الكلام وذلك كما تقول لصديق لك: (خانك الذي ائتمنته على أسرارك)، وذلك لأن الغرض المسوق له الكلام هو بيان مدى خيانة هذا الإنسان، فإذا كان قد اؤتمن على الأسرار، ووضعت فيه الثقة في عدم إذاعتها، ثم أفضى بها، كان بذلك قد وصل إلى منتهى الخيانة.

ومن هذا القبيل قول الله تعالى: "ورَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ"، وذلك لأن الغرض المسوق له الكلام هو: تقرير نزاهة يوسف عليه السلام، والتعبير بالموصول أدل على هذا الغرض مما لو قال: وراودته امرأة العزيز، أو زليخا، لأنه إذا كان في بيتها وقد واتته فرصة التمكن من نيل ما طلبت منه، ولكنه - مع ذلك - عف وامتنع، كان ذلك غاية في نزاهته عليه السلام.

ومما تلحظه من نكتة التعبير بالموصول هنا: أنه لو قال: وراودته امرأة العزيز. لما كان هذا نصاً في المرأة التي راودته، لجواز أن يكون للعزيز نساء أخريات.

ولو قال: وراودته زليخا، لاحتمل الكلام مسمى آخر بهذا الاسم غير امرأة العزيز.

وقد يكون تعريف المسند إليه بالموصول سبيلا إلى ذكر معان ذات


(١))) خصائص التراكيب صـ ١٤٨

<<  <   >  >>