للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكاد هذا الغرض أن يلحق بما أسلفنا الحديث عنه، من أنه لا بحث للبلاغة فيه، ولا شأن للبلاغيين به، لأنه من دلالة اللفظ على أصل المعنى وحقيقته.

وقد يكون التصريح باسم المسند إليه مستهجناً مستقبحاً، فيعدل عن التصريح به إلى التعبير بالموصول، وذلك كقول الفقهاء: "الذي يخرج من السبيلين ناقض للوضوء".

ومنه قول حسان بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - يخاطب أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ويبرئ نفسه مما نسب إليه في حديث الإفك:

فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتوا ... فلا رفعت سوطي إلى أناملي

وقوله - أيضاً -:

فإن الذي قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئ بي ماحل

ومعنى قوله: بلائط: ليس بلازم ولا لاحق، وما حل: ساع بالنميمة.

فقد رأيت أن حسان بن ثابت - رضي الله عنه - قد استهجن ما نسب إلى أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - من حديث الإفك، فلم يصرح به، وإنما قال: "الذي قد زعمتوا" وقال في البيت الثاني: "الذي قد قيل" فعبر عنه بالموصول في الموضعين - كما رأيت -.

كما أنك قد رأيت - أيضاً - أن التعبير بالموصول في البيتين قد مكنه من الإشارة إلى ما يريد في كل موضع منهما، فقد مكنه التعبير بالموصول في البيت الأول إلى أن يشير إلى أن هذا القول باطل، لأنه زعم لا صدق فيه، وذلك ما يوحي به قول حسان: "الذي قد زعمتوا".

<<  <   >  >>