للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نكذب من قد ظن أنا سنلتقي ... ونأمن من في صدره شنآن

والشاهد في الأبيات قوله: (فقد غاب عنا من نخاف) حيث عبر عن المسند إليه بالموصول، ولم يصرح باسمه، فلم يقل الواشي، وإنما قال: من نخاف، لأن الخوف من الواشي هو حال المحب الذي يريد وصال حبيبته، ووصفه بالجبن للإشارة غلى أنه وإن كنا نخاف لسانه إلا أنه جبان عند اللقاء.

وقد يكون في الموصول تفخيم للمسند إليه وتهويل لأمره، وذلكما تراه في قول الله تعالى: "فَغَشِيَهُم مِّنَ اليَمِّ مَا غَشِيَهُمْ" أي: أنهم قد غمرهم ماء غزير لا يحيط به وصف ولا يدركه وهم.

وكأن تقول: إن فلانا قد عراه من الهم ما عراه، أي أنه قد لحقه من الحزن ما لا يدرك كنهه لخطورة أمره.

ومنه قول الشاعر:

مضى بها ما مضى من عقل شاربها ... وفي الزجاجة باق يطلب الباقي

يصف الشاعر الخمر فيقول: لقد ذهب بسبب شربها قدر عظيم من عقل شاربها، ولم يبقى في الكأس إلا ثمالة تطلب البقية الباقية من عقله.

والشاهد هنا قوله: (مضى بها ما مضى) حيث أتى بالمسند إليه اسم موصول لقصد تفخيم ما ذهب من عقل شارب الخمر وأنه أكبر من أن يوصف.

وقد يكون في مدلول الصلة ما يشير إلى خطأ وقع من المخاطب أو غيره، فيؤتى بالموصول تنبيهاً له إلى هذا الخطأ.

<<  <   >  >>