للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أنه عاد فقال: وربما وافقت موضعاً يليق بها، فاكتسبت قبولا.

فاستعمال (ذا) بمفردها أمر لا يستطيعه إلا من له دراية برياضة التراكيب.

قد يقتضي المقام تمييز المسند إليه أكمل تمييز، لكي تسند إليه الخبر قوياً متمكناً، وذلك لأن ظهور المسند إليه ووضوحه في ذهن السامع مما يعين على قوة إسناد الخبر إليه.

واستمع إلى قول ابن الرومي - يمدح أبا الصقر الشيباني -:

هذا أبو الصقر، فرداً في محاسنه ... من نسل شيبان بين الضال والسلم

فقد أراد الشاعر أن يخبر عن الممدوح بأنه أشهر من نار على علم، يتفرده في كل حسن معنوي، وأنه سليل قوم ذوي شمم وإباء، لأنهم يسكنون البوادي حيث الحرية والبعد عن سلطة الحكام، فقال: هذا يميزه أكمل تمييز، لكي يسند إليه الخبر بأنه "أبو الصقر" - أي الذي يعرفه كل الناس لتفرده في محاسنه، وأنه "من نسل شيبان" الذين يسكنون البوادي، ويعشقون الحرية، فكان من قوة الخبر ما قد رأيت.

ولما لم يكرم الزبرقان بن بدر وفادة الحطيئة، تحول عنه إلى بغيض بن عامر، فقال من قصيدة له في مدحه (١):

وإن التي نكبتها عن معاشر ... غضاب علي أن صددت كما صدوا

أتت آل شماس بن لأي وإنما ... أتاهم بها الأحلام والحسب العد

فإن الشقي من تعادي صدورهم ... وذو الجد من لانو إليه ومن ودوا


(١))) المنتخب من أدب العرب جـ ٤ ص ٢١٥، ص ٢١٦

<<  <   >  >>