للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أقسم بأبيها رجل الخير أنه لم يفعل ذلك إلا تواضعاً لخدمة أضيافه، وتلك محمدة لا مذمة، وفضيلة لا نقيصة، وأكد جواب القسم في الأخبار التي تلته بأن، واللام، واسمية الجملة في قوله: "إني لخادم لضيفي" و"إني - إن ركبت - لفارس" و"إني لأشري الحمد".

ولعلك تلحظ - أيضاً - أن البيت الأخير تفسير "لسابقه" وتوضيح له، فما تقاعسه أمام الرحى خدمة لأضيافه إلا شراء للحمد ابتغاء ربح يبقى له ذكر عطرا، وهو في الوقت نفسه يجندل خصمه في الحرب خزيان ناعسا.

وفي الطباق بين (أشري) و (أترك) ما يزيد المعنى وضوحاً، وجمالا وقوة.

وقد يكون الغرض من تعريف المسند إليه باسم الإشارة: هو التنبيه على أن المشار إليه المعقب بأوصاف جدير - من أجل تلك الأوصاف - بما ذكر بعد اسم الإشارة.

وذلك مثل قول الله تعالى: " هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ"، فالمشار إليه في الآية هم المتقون الموصوفون بالإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، والإنفاق مما رزقهم الله، والإيمان بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وبما أنزل على الرسل من قبله، والإيقان بالآخرة.

وقد عبر عنهم باسم الإشارة (أولئك) - وإن كان التعبير عنهم بالضمير ممكنا - للتنبيه على أنهم - من أجل تلك الأوصاف - جديرون بالهداية في الدنيا، وبالفلاح في الآخرة.

ومما تواتر عليه البلاغيون شاهداً في هذا الباب من النص الشعري،

<<  <   >  >>