فالشعار لم يخف من إبغار صدور قومه عليه، ولكنه يصور لنا مأساته، أو محنته تصويراً صادقاً، بأن الذين قتلوا أخاه هم من قومه، فإذا ما انتقم منهم فكأنه ينتقم من نفسه - لأن الرجل بعشيرته - كما يقولون - وإذا ما ترك الانتقام فقد صفح عن أمر عظيم، ثم قال متوعداً، إياك أن تأمن لمن بدأته بالشتم والإذلال، فقد تحقر الشيء في بدء أمره، ثم لا يلبث أن يزداد قوة واتساعاً في غايته.
وقد زعمتم أننا لا حلوم لنا، فإن كان الأمر كما زعمتم، فنبهونا أنتم. وهذا تهكم من الشاعر. ثم وجه حديثه إلى قاتل أخيه بالبيتين الأخرين بأنه قد بالغ في فعلته حتى بأنه لم يبق له شيئاً!
وفي معنى البيت الأول يقول أعرابي قتل أخوه ابناً له:
أقول للنفس تأسا وتعزية ... إحدى يدين أصابتني ولم ترد
كلاهما خلف من فقد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
فليست الإضافة في قول الشاعر (قومي) لتعذر تفصيل من قتلوا أخاه، ولا لأنه يخاف من أن يوغر صدورهم عليه، ولكن لأن الإضافة قد أفادت معنى يهز أوتار قلب الشاعر. وهو أن القائل ليس غريباً عنه.
وقد تتضمن الإضافة تعظيماً لشأن المضاف إليه، كما في قوله تعالى:"إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ" فقد عرف المسند إليه بالإضافة في قوله "عبادي" تعظيماً لشأن المضاف وهو العباد، بأنهم عباد رب الأرباب.