للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه قول الله تعالى: "وأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ" (١)، فالإضافة إلى الله تعالى لشريف ما بعده لشريف.

وقد تتضمن تعظيماً لشأن المضاف إليه: كما تقول: "سيارتي في انتظاري" ففي الإضافة تعظيم لك بأن لك سيارة.

ومن هذا القبيل قول أبي فراس الحمداني مفتخراً (٢):

إن الغني هو الغني بنفسه ... ولو أنه عاري المناكب جافي ...

ما كل ما فوق البسيطة كافياً ... وإذا قنعت فبعض شيء كافي

وتعاف لي طمع الحريص فتوتي ... ومروءتي، وقناعتي، وعفافي ...

ما كثرة الخيل العتاق بزائدي ... شرفاً، ولا عدد العوام الضافي

خيل - وإن قلت - كثير نفعها ... بين الصوارم والقنا الرعاف

ومكارمي عدد النجوم، ومنزلي ... مأوى الكرام، ومنزل الأضياف

فالشاعر يفتخر بعزة نفسه وعلو همته، ولهذا فإنه لا يعير وفرة المال، ولا كثرة السوام اهتماماً، ولكن الذي يهمه، ويعمل من أجله، ويسعى إليه، هو كل ما يزيد من عزة نفسه؛ ويرفع من قدرها، وذلك بكثرة المكارم ووفرة الفضائل، من الفتوى، والمروءة، والقناعة، والعفاف


(١) الجن: ١٩.
(٢) بقيمة الدهر، الثعالبي، ج ١، ص ٤٨ ..

<<  <   >  >>