هم منعوا حمى الوقبى بضرب ... يؤلف بين أشتات المنون
الزبون في الأصل: الفاقة التي تزبن أي تدفع حالبها، الوقبى: اسم ماء لبني مازن.
الشاعر معجب بفوارس قومه، مملوء غبطة بهم، فهو يفديهم بنفسه وما ملكت يمينه، لأنهم قد صدقوا ظنه فيهم فهم لا يهابون المنايا، ولا يملون لقاءها - وإن اشتدت رحا الحرب الضروس - ولا يضعفون عنها وإن تكررت عليهم أزماناً بعد أزمان.
وهم قد حموا ماء الوقبى بضرب قد ألف أشتات المنايا على قوم جاءوا من أماكن شتى.
والشاهد قوله:(وإن هم صلوا بالحرب) وقوله: (هم منعوا حمى الوقبى).
فالشاعر عندما أراد أن يثبت لقومه دوام البسالة ولو اصطلوا بنيران الحرب في كل حين، لم يقل: وإن صلوا بالحرب، وإنما قال:(وإن هم صلوا) ليؤكد اصطلاءهم بنارها ومباشرتهم لوطيسها.
وعندما أراد أن يثبت لهم بطريق آكدوا قوى، أنهم حموا حمى الوقبى لم يقل: منعوا حمى الوقبى، وإنما قال: هم منعوا حمى الوقبى، فقدم المسند إليه على الخبر الفعلي، ليفيد بذلك أنهم قد باشروا هذا العمل العظيم، ولكن بصورة قوية ومؤكدة.
ومثله قول بعض بني بولان من طيء (١):
نحن حبسنا بني جديلة في ... نار من الحرب جحمة الضرم