للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمقام - كما ترى - مقام افتخار بالقوة والمنعة وعزة الجانب، ولهذا كان من المناسب تقوية الأحكام التي أراد الشاعر إثباتها لقومه، وبخاصة ما يتصل منها بتلك الصفات، ولهذا قال: (هم يضربون الكبش) مؤكداً هذا الحكم الذي يتصل بقوة قومه وشجاعتهم، بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي.

وجاء قوله: (ونحن خلعنا قيده) مؤكداً هذا الحكم - أيضاً - بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي قضاء لحق الفخر، لأن هذا الحكم مما يتصل بمنعة قومه وهيبتهم.

ولعلك قد لاحظت أنه قد عبر عن المسند في قوله: (يبرق بيضه) بالفعل استحضاراً للصورة التي يكون عليها رئيس الأعداء وهم يضربونه، أي: والحال أنه قام السلاح، مستعد للحرب، ومع ذلك فإن قومه يضربونه فيسيلون دماءه على وجهه طرائق مختلفة، وذلك دليل شجاعتهم، وبرهان تفوقهم على أعدائهم.

ولكنه عبر عن المسند في قوله، (فهو سارب) باسم الفاعل للدلالة على استمرار هذه الحال من فحلهم، أي أن ذلك دأب فحلهم أبداً منذ وجدوا على أرضهم، فهم أعزة أقوياء منذ كانوا، وليس ذلك بجديد عليهم.

وهذا أبو الغول الطهوي، يفتخر بفوارس قومه فيقول (١):

فدت نفسي وما ملكت يميني ... فوارس صدقت فيهم ظنوني

فوارس لا يملون المنايا ... إذا دارت رحا الحرب الزبون ...

ولا تبلى بسالتهم وإن هم ... سلموا بالحرب حيناً بعد حين


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام، ج ١، ص ١٧.

<<  <   >  >>