للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل ما عدا المخاطب، وإذا نفيت هذه الصفة عن كل ما عداه، لزم ثبوتها له.

ومن شواهدهم على استعمال "مثل" مراداً بها الكناية عما أضيفت إليه، قول أبي الطيب المتنبي يعزي أبا شجاع عضد الدولة في عمته (١):

مثلك يثني الحزن عن صوبه ... ويسترد الدمع عن غربه

أيما لإبقاء على فضله ... أيما لتسليم إلى ربه

ولم أقل مثلك أعني به ... سواك، يا فرداً بلا مشبه

صوب لحزن: نزوله. وغربه: مجراه. أيما: بمعنى: إما.

يريد أن يقول: إنك قادر على صد تيار الحزن بصبرك وثباتك ورباطة جأشك، وقوة إيمانك، وقادر - أيضاً - على أن تكفكف دمعك وترده عن جريانه إبقاء على فضلك وتسليماً بقضاء ربك.

وما قلت مثلك قاصداً سواك، لأنك قد تفردت بصفات الكمال بين أهل زمانك.

وقول القبعثري الحجاج بن يوسف الثقفي - على سبيل المغالطة -: "مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب"، أي الفرس الأدهم والفرس الأشهب. لما قاله له الحجاج متوعداً: "لأحملنك على الأدهم" يقصد القيد الحديد.

فقوله: "مثل الأمير" يقصد به الأمير نفسه، ولم يقصد التعريض بغيره.


(١) ديوان أبي الطيب، ج ١، ص ٢١٦.

<<  <   >  >>