للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في النفس وباعثاً للأربحية لا يكون إذا قيل: نفس عصام سودته شيء منه؟ ؟ ص ٣١٤" (١).

ودونك طائفة من فصيح الشعر تؤيد هذا المعنى وتؤكده:

إقرأ - إن شئت قول الفند الزماني - في حرب اليسوس - وكان بنو بكر بن وائل قد بعثوا إلى بني حنيفة يستصرخونهم فأمدوهم به وبقومه (٢):

صفحنا عن بني ذهل ... وقلنا: القوم اخوان

عسى الأيام أن يرجعـ ... ن قوماً كالذي كانوا

فلما صرح الدر ... وأمسى وهو عريان

ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا

مشينا مشية الليث غدا والليث غضبان

يقول: أعرضنا عن هؤلاء القوم المتحاربين، لأن بينهم رحماً وقرابة، فعسى أن تردهم الأيام إلى ما كانوا عليه من التوافق والتواد، لأنهم إخوان فلما أبوا أن يدعوا الظلم ولم يبق إلا أن نقاتلهم، كما قاتلونا؛ جازيناهم بفعلهم السيئ كما ابتدؤنا به، فمشينا إليهم مشية الأسد أصبح غضبان متلهفاً إلى فريسة.

والشاهد في الأبيات قوله: (والليث غضبان).

فقد أتى بالمسند إليه اسماً ظاهراً - وهو الليث - وكان ظاهر المقام يقتضي أن يأتي به ضميراً فيقول: (وهو غضبان) لتقدم مرجع الضمير - ولكنه عدل عن الإضمار إلى الإظهار، ليتمكن الاسم في ذهن السامع، لأن المقام - وهو الحرب - يقتضي الاعتناء به، لأن في لفظ المسند إليه - وهو الليث - ما يشعر بالتفخيم والتهويل.


(١) دلائل الإعجاز ص ٤٢٨.
(٢) ديوان الحماسة لأبي تمام ١/ ١٥.

<<  <   >  >>