للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}؛ قال الله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ولم يقل: (له) - وقد سبق ذكرهم في من المبهم، واسم كان المضمر فيها ذماً لهم بالكفر، وتبينا أن عدو الله وملائكته ورسله لا يكون إلا كافراً.

وفي هذه الآية؛ إظهار اسم الله لعظمه تعالى، وهو قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} بعد ضميره في ملائكته ورسله.

ومن شواهد وضع المظهر موضع المضمر، لأن الغرض هو تمكين المسند إليه في ذهن السامع اعتناء بشأنه: قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} لم يقل: (هو الصمد) - وإن كان ظاهر الحال يقتضي الإضمار لتقدم المرجع - ولكنه قال: {اللَّهُ الصَّمَدُ} فوضع المظهر موضع المضمر، لأن المقام يقتضي الاعتناء بتمكين لفظ الجلالة في النفوس.

وعلى هذا الأسلوب جرى القرآن الكريم في مواضع كثيرة منه، حيث يريد قربية المهابة في نفوس المؤمنين.

ولهذا يرجع الإمام عبد القاهر الجرجاني السر في الإظهار في موضع الإضمار إلى أن للتصريح فضلاً على الكناية والتعريض، ولأنهما لا يعملان في العقول عمل الإفصاح والتكشيف، ثم يذكر أزمن البين الجلي في هذا المعنى بيت الحماسة:

شددنا شدة الليث ... غدا والليث غضبان

وقول النابغة:

نفس عصام سودت عصاماً ... وعلمته السكر والإقداما

ثم قال: "لا يخفى على من له ذوق حسن هذا الإظهار، وأن له موقعاً

<<  <   >  >>