للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان المظهر - الذي يوضع موضع المضمر - غير اسم الإشارة، فإن ذلك يكون لأغراض من أهمها:

(١) أن يقصد تمكين المسند إليه في ذهن السامع، لأن المقام يقتضي اعتناء بشأنه.

ومن الاعتناء بشأنه أن لا ينوب عنه ضمير. لأن الضمير - وإن جاز أن ينوب عنه - لا يغني غناء الاسم الظاهر، لما يتضمنه الاسم من معنى له وقع عند المتلقى أو المتذوق - في رأي الشاعر أو الأديب: ففي إظهار الاسم مكان إضماره بيان لعظم أمر ما، شرفاً أو خسة، جودة أو رداءة.

والشاهد على ذلك قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} لم يقل (هو الصمد) - وإن كان ظاهر الحال يقتضي الإضمار لتقدم المرجع - ولكنه قال: {اللَّهُ الصَّمَدُ} فوضع المظهر موضع المضمر، لأن المقام يقتضي الاعتناء بتمكين لفظ الجلالة من النفوس، وعلى هذا الأسلوب جرى القرآن الكريم في مواضع كثيرة منه، حيث يريد تربية المهابة في نفوس المؤمنين.

قال في الأقصى القريب (١): "ويكون ذلك لبيان عظم أمر ما كالجودة والرداءة، والشرف والضعة، فمن ذلك ما جاء في قول الله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} قال - إن إبراهيم - ولم يقل: إنه، لشرف إبراهيم عليه السلام والزيادة في تشريفه بما نسب إليه.

وأما ما جاء منه الذم فنحو قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ


(١) الأقصى القريب التنوخي ص ٨٣ (طبعة السعادة)

<<  <   >  >>