للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ضرب الحمار مثلاً للأذى، أي كف أذاك عنا.

ومنه قول الحماسي (١):

مرا على أهل الفضا، إن بالفضا ... رقارق لازرق العيون ولا رمداً

الفضا: موضع بنجد، والرقارق: النساء النواعم، والرمد: جمع رمداء.

والمعنى: يا صاحبي مرا على أهل الفضا، إن به نساء في مقتبل الشباب السن يزرق العيون ولا رمدا، بل هن كحل سود العيون.

والشاهد قوله: (إن بالفضا) وقد كان ظاهر المقام يقتضي أن يضمر فيقول: (إن به) لتقدم مرجع الضمير، ولكنه آثر الإتيان بالاسم الظاهر، لما فيه من معنى يتعلق به الشاعر، ويثير في نفسه ذكريات حبيبة إلى قلبه.

ولعلك قد لاحظت معي ما في هذا البيت من خلل في وزنه، لأنه من بحر الطويل الذي أول تفصيلة منه هي: (فعولن) أي تبدأ هذه التفعيلة بمتحركهن فساكن؛ يعني وقد يجموع - كما يقول العروضيون - ولكنك تجد البيت مبدوءاً بمتحرك فساكن؛ يعني سبب خفيف - كما يقول العروضيون أيضاً -.

ولهذا فإننا نرجح أن يكون البيت مبدوءاً بواو العطف ولكون الأصل ومرا على أهل الفضاء، ولكنها سقطت من الناسخ، وكان على أبي تمام أن


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام ٢/ ١٦٢.

<<  <   >  >>