للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زعمت تماضر أنني إما أمت ... بعدد أبينوها الأصاغر خلني

تربت يداك، وهل رأيت لقومه ... مثلي على يسرى وحين تعلني؟ !

رجلاً إذا ما النائبات غشينه ... أكفي لمعضلة، وإن هي جلت؟ !

غربة: دار بعيدة، وفلج: واد في طريق البصرة، واللوى والحلة: موضعان. والقرنفل والسنبل: من أخلاط الأدوية التي تحرق العين. وأببنوها: تصغير أبناء، والخلة: الحاجة. المعضلة: الداهية، وجلت: عظمت.

يقول: إن تماضر نزلت بدار بعيدة فاستقرت وتوطنت في فلج وأهلي باللوى والحلة فانهلت دموعي حزناً على فراقها وكأن في عيني أخلاط القرنفل والسنبل. ولقد زعمت أن أبناءها الأصاغر يقومون مقامي بعد موتي وتكتفي بهم عني ثم التفت إليها قائلاً: تربت بداك يا تماضر: وهل رأيت لقومه رجلاً مثلي يكثر العطاء في حالتي عسره ويسره حتى تعلقي رجاءك فيه؟ وهل تجدين رجلاً مثلي عن غشيان النوائب يكون أقوى مني دفعاً لها؟

فقد رأيت أن الشار بدأ حديثه عن زوجته تماضر على طريق الغيبة في قوله: (حلت تماضر) وقوله: (زعمت تماضر) وقوله: (أببنوها) ثم التفت إليها مخاطباً لها بقوله: (تربت يداك).

وذلك لأنه عندما بدأ حديثه عن تماضر كانت قد دخلت فأصبحت بعيدة عنه فناسب أن يتحدث عنها بضمير الغائبة، ولكنه لما ذكر أنها بعيدة عنه بعداً أحزنه وأفاض دموع عينيه دل ذلك على شدة تعلقه بها وأن خيالها لا يفارقه

<<  <   >  >>