للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقة، أي صارت بنت ثلاث سنوات ودخلت في الرابعة، وقال: تمهلوا إلى أن يقوى خفها، لكي يزداد سعرها رأى ماذا يقول البصراء فيها، فأقسم أن تباع، فلما سمنت وظهر السمن واضحاً عليها، كما طينت الفدن، أي القصر بالسياع، أي الطين المخلوط بالتين، أمر الرجال ليأخذوها وهو يظن أنه لن يستطيع أحد اقتيادها.

والشاهد في هذه الأبيات قوله: (كما طينت بالفدن السياعا)، حيث قلب الكلام وكان حقه أن يقول: كما طينت الفدن بالسياع.

وليس في هذا القلب أي اعتبار لطيف.

تلكم هي ملامح القلب عند البلاغيين.

وتعالوا بنا إلى جولة طريفة مع النقاد الذين اتخذوا من القلب معياراً نقدياً، لتكونوا على ذكر من تطبيقهم لهذا المعيار النقدي البلاغي:

ذكر القاضي الجرجاني - في وساطته بين المتنبي وخصومه. أن العلماء قد عابوا على أبي الطيب قوله:

وهذلت أهل العشق حتى ذقته ... فعجبت: كيف يموت من لا يعشق؟ !

فقالوا: صعوبة العشق وشدته على أهله لا توجب ألا يموت من لا يعشق فيعجب منه، وإنما يقتضي أن كل من يعشق يموت، وكأنه أراد: كيف لا يموت من يعشق؟ ! فذهب عن مراده (١).

وهنا يورد القاضي الجرجاني رأيين لمن يحتجون لأبي الطيب:


(١) الوساطة ٤٦٩.

<<  <   >  >>