للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقيض المقصود، وحمل ما ورد منه على التقديم والتأخير.

والرأي الثالث: هو أن القلب إن تضمن اعتباراً لطيفاً قبل (١) وإن لم يتضن اعتباراً لطيفاً رفض.

وهذا الرأي هو رأي جمهور البلاغيين:

فأما ما تضمن اعتباراً لطيفاً: فمثاله قول رؤبة بن العجاج:

ومهمه مغبرة أرجاؤه ... كأن لون أرضه سماؤه

ومهمه: أي: مفازه، مغبرة: أي مملوءة بالغبرة، أرجاؤه: أي أنحاؤه.

قالوا: إن المعنى: كأن لون سمائه لغبرتها لون أرضه، وفي القلب هنا من المبالغة ما ليس في تركه، لإشعاره بأن لون السماء قد بلغ من الغبرة إلى حيث يشبه به لون الأرض في لغبرة وأما ما لم يتضمن اعتباراً لطيفاً، فمثاله: قول القطامي يصف ناقته بالسمن (٢):

فلما أن مضت ثنتان عنها ... وصارت حفة يعلو الجذاعا

وقلنا مهلوا لثنيتيها ... لكي تزداد للسعر اطلاعا

عرفنا ما يرى البصراء فيها ... فآلينا عليها إن تباعا

فلما أن جرى سمن عليها ... كما طيفت بالفدن السياعا

أمرت بها الرجال ليأخذوها ... ونحن نظن أن لن تستطاعا

فالشاعر يقول: إن ناقته هذه لما مضى من عمرها سنتان، وصارت


(١) الإيضاح ٥٩.
(٢) حاشية الدسوقي ١/ ٤٨٩.

<<  <   >  >>