للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا السبب - أيضاً - رأينا الحارث بن عباد وكان من أحلم أهل زمانه وأشدهم بأساً، عندما أرسل إلى المهلهل يقول له: إن كنت قتلت بجيراً بكليب (يقصد بجيراً ابنه) فقد طابت نفسي بذلك، فأرسل إليه المهلهل. إنما قتلته بشسع أهل كليب! ، فغضب الحارث ودعا بفرسه - وكانت

تسمي النعامة - فجزفا صيتها، وهلب ذنبها، ثم قال:

قربا مربط النعامة منى ... لفحت حرب وائل عن حيال.

قربا مربط النعامة منى ... ليس قولي يراد لكن فغالى.

قربا مربط النعامة منى ... جد نوح النساء بالإعوال.

وظل يكرر قوله: (قربا مربط النعامة منى) حتى كررها سبع عشرة مرة في القصيدة.

وطلب البكاء معني من المعاني التي استقرت في نفس الخنساء، ولهذا فإنها قد نثرته دموعا كليمة بللت بها أرجاء ديوانها حزنا علي أخيها صخر:

استمع إليها تكرار طلب البكاء:

أعيني جود ولا تجمدا ... ألا تبكيان لصخر الندي؟ !

ألا تبكيان الجواد الجميل ... ألا تبكيان الفتي السيدا؟ !

وذلك لأن الناس قد أجمعوا - كما يقول أبو هلال - علي أن البكاء

يطفئ الغليل، ويبرد حرارة المحزون، ويزبل شدة الوجد.

<<  <   >  >>