الاستقبال، أي في الماضي - لفظاً ومعنى - مع (كان) كما في قول الله تعالى: " وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا " إذ الريب قد وقع فعلا في الماضي.
واستعمالها في هذا المعنى مع غير كان قليل، كما في قول أبى العلاء:
فيا وطني إن فاتني بك سابق ... من الدهر فلينعم لساكنك البال
أي إن كان زمن سابق من الدهر قد فوت علي السكنى في وطني، ولم يتيسر لي الإقامة فيه فلا لوم على، لأني ما تركته طواعية، فليطلب ساكنه نفسا، ولينعم به بالا.
وغرضه بذلك إظهار تحسره وتحزنه علي مفارقة أهله ووطنه. والشاهد في البيت قوله:(إن فاتني) حيث استعمل (إن) في الماضي لفظاً ومعنى مع غير (كان) وهذا قليل.
وكما تستعمل (إن) في غير الاستقبال تستعمل (إذا) - في غير الاستقبال - كذلك، كما في قوله تعالي:{حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} وقوله تعالي: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} وهذا الاستعمال قليل - كما عرفت -.
وإذا لم يكن كل من جملتي الشرط والجزاء فعلية استقبالية، بأن كانتا غير فعليتين، أو غير استقباليتين ولو لفظا، فلا بد لذلك من نكتة بلاغية لأن ظاهر الجمال يقتضي مراعاة المطابقة بين اللفظ والمعنى، ولا يعدل عن هذه الموافقة إلا لنكته وهذه النكته هي: