للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكون ذلك لأغراض تقتضيه: كأن تكون الدواعي المقتضية لحصوله قوية والأسباب المؤدية إلى حصوله متوافرة والشيء إذا تجمعت أسبابه وتوافرت دواعيه، عد - في عرف البلغاء - حاصلا وعبر عنه بما يبرزه في حدود الحاصل، وذلك كأن تقول: " إن قرأت هذا الكتاب لخصت لك ما فيه " - تقول هذا وقت توافر أسباب القراءة لديك - ولهذا تعبر بالفظ الماضي لقصد إبراز المعنى الذي لم يحصل بعد باللفظ الدال علي المعنى الحاصل بالفعل لقوة أسباب القراءة.

وكالإشارة إلى أن ما هو واقع - لا محالة - كالواقع، وذلك كأن تقول: " إن مت ورثني فلان "

فقد عبرت بلفظ الماضي لإبراز ما لم يحصل في صورة الحاصل فعلا، لأن الموت من شأنه الوقوع، فكأنه قد وقع فعلاً.

وكالتفاؤل وإظهار الرغبة من المتكلم في وقوعه، فإن طالب الشيء إذا عظمت رغبته فيه كثر تصوره له، ربما تخيله واقعاً، فيعبر عنه بلفظ الماضي كما تخيله، وذلك كما في قولك " إن نجحت في الامتحان

تصدقت بكذا ".

قالو: وعليه قول الله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} الأصل: إن يردن ولكنه أثر التعبير بلفظ الماضي، لما عرفت من أن الطالب لشيء يكثر تصوره إياه حتى يخيل إليه غير الواقع واقعا، والقرآن نزل بلغة العرب، فجاء علي طريقتهم في كلامهم، وخاطبهم بما يخاطبون به أنفسهم فآثر صيغة الماضي علي صيغة المضارع لإظهار الرغبة في إرادة التحصن من الفتيات.

والمراد بالفتيات: الإماء وفائدة تعليق النهي عن الإكراه علي إرادة التحصن: هي أن يبشع عند الغاصب الوقوع فيه لكي يتيقظ أنه كان ينبغي

<<  <   >  >>