للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وها هو الأديب اللغوي المحدث أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي المولود في سنة ٣١٩ هـ والمتوفى سنة ٣٨٨ هـ يصنف رسالة في "بيان إعجاز القرآن".

وفي هذه الرسالة يقرر الخطابي أن الناس قديماً وحديثاً قد ذهبوا في هذا الموضوع من القول كل مذهب، ولكنهم لم يصدروا عن ري؛ ثم يناقش فكرة الصرفة؛ فيدحضها ولا يرتضيها؛ ثم يناقش فكرة تضمن القرآن الكريم أخباراً مستقبلية، ولكنه لا يرتضيها شرحاً لأسرار الإعجاز.

وأما القول بأن السر في إعجاز القرآن الكريم إنما هو: بلاغته التي أعجز بها العرب، فهو قول صحيح؛ ولكن أصحاب هذا الرأي - وهم الغالبية العظمى - لم يحاولوا أن يتبينوا مرجع هذه البلاغة قائلين: قد يخفى سببه عن البحث، ويظهر أثره في النفس. لأنك تجد كلامين: أحدهما يهزك ويطربك وهما معاً فصيحان؛ ثم لا يوقف لشيء من ذلك على علة! .

ومثل هذا القول لا يقنع في مثل هذا العلم، ولا يشفي من داء الجهل به؛ وقد استشهد بعضهم على هذا بمثل ما فعل ذو الرمة وجرير:

فقد ذكرت الرواة أن جريراً مر بذي الرمة، وقد عمل قصيدته التي أولها:

نبت عيناك عن طلل بحزوى ... عفته الريح وامتنح القطارا

فقال: ألا أنجدك بأبيات تزيد فيها؟ فقال. نعم، فقال:

يعد الناسبون بني تميم ... بيوت المجد أربعة كبارا

يعدون الرباب وآل تيم ... وسعدا، ثم حنظلة الخيارا

<<  <   >  >>