للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: أنه لا تفاضل بين كلمة وأخرى في الدلالة على المعنى قبل دخولها في نظم الكلام.

ولهذا فإنك لا تجد أحداً يقول: هذه اللفظة نصيحة إلا وهو يعتبر مكانها من النظم وحسن ملاءمة معناها لمعاني جاراتها، وفضل مؤانستها لأخواتها.

والدليل على ذلك: أنك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع، ثم تراها بعينها تثقل عليك في موضع آخر.

ثانياً: أن ترتيب الألفاظ في النطق يكون على حسب ترتيب المعاني في النفس، وذلك لأنه لا يتصور أن تعرف للفظ موضعاً من غير أن تعرف معناه، كما لا يتصور أن تتوخى في الألفاظ من حيث هي ألفاظ ترتيباً ونظماً.

ولهذا فإنه يجب عليك أن تتوخى الترتيب في المعاني، وأن تعمل فكرك هناك، فإذا ما تم لك ذلك أتبعتها الألفاظ، وقفوت بها آثارها.

على أنك إذا ما فرغت من ترتيب المعاني في نفسك وجدت الألفاظ مرتبة على حذوها في نطقك ولم تحتج إلى أن تستأنف فكراً في ترتيبها؛ لأن الألفاظ خدم للمعاني وتابعة لها، ولاحقة بها.

فالعلم بمواقع المعاني في النفس علم بمواقع الألفاظ الدالة عليها في النطق.

ثالثاً: لا نظم في الكلم حتى يعلق بعضها ببعض، ويبنى بعضها على بعض:

ومعنى هذا، أن تعمد إلى اسم فتجعله فاعلاً لفعل، أو مفعولاً له، أو تعمد إلى اسمين، فتجعل أحدهما خبراً عن الآخر، أو تتبع الاسم اسماً، على أن يكون صفة للأول، أو بدلاً منه، أو تجيء باسم بعد تمام كلامك،

<<  <   >  >>