للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما نرى إجابة جعفر إلا منطبقة على معنى البلاغة ومدلولها.

على أن الجاحظ قد أورد أربعة تعاريف للبلاغة لأربعة رجال من أمم مختلفة (١)؛ ثم أورد جملة تعاريف لبعض العرب لكي يوضح لنا المعنى الذي قصده العرب من كلمة "البلاغة" إلى أن أورد تعريف ابن المقفع لها بأنها: "اسم جامع لمعاني تجري في وجوه كثيرة .. وأنها في دلالة صدر الكلام على حاجة المتكلم، وفي إعطاء كل مقام حقه" (٢).

فإذا ما التقينا بإسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب في كتابه "البرهان في وجوه البيان" وجدناه يعرف البلاغة بقوله: "وحدها عندنا: أنها القول المحيط بالمعنى المقصود مع اختيار الكلام وحسن النظام وفصاحة اللسان" (٣) ثم يتبع هذا التعريف بالشرح والتحليل.

على أن هذا التعريف قد خلا من "مطابقة الكلام لمقتضى الحال" التي سبق بها ابن وهب، والتي عرفناها منذ قليل في تعريف ابن المقفع.

ولعل في قوله: "واختيار الكلام" ما يغني عن تلك العبارة.

أما صاحب الصناعتين: أبو هلال العسكري (ت ٣٩٥ هـ) فإنه يعتبر أول عالم من علماء البلاغة قد حدد معنى كل من الفصاحة والبلاغة تحديداً يقرب من معناه الحديث؛ إذ الكلام عنده إنما يكون فصيحاً إذ حوى الفخامة والجزالة؛ وإذا لم يحوهما لم يكن فصيحاً؛ ولو جمع نعوت الجودة؛ وإنما يكون بليغاً إذا وافق المقام.


(١) البيان والتبيين: ١/ ٨٨.
(٢) البيان والتبيين: ١/ ١١٥.
(٣) نقد النثر ص ٧٦.

<<  <   >  >>