للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عليه أن يقول (وإن ضنوا) بإدغام النون في النون، لكنه قال (ضننوا) ففك هذا الإدغام.

على أن هناك ضرورات يلجأ إليها الشعراء لتسلم لهم أوزان أشعارهم، ولكن ليس ضرورة يلجأ إليها الشاعر تخرج الكلمة عن الفصاحة.

فقد قسم حازم القرطاجنى الضرورات الشعرية إلى: ضرورات سائغة، وضرورات مستقبحة: فالسائغ من ضرورات الشعر. ما لا تشعر النفس معه بوحشة، وذلك كقصر الممدود ومد المقصور: والمستقبح: ما تشعر النفس معه بوحشة: كصرف ما لا ينصرف وتذكير المؤنث وعكسه وكأن تكون الكلمة غير جارية على العرف العربي الصحيح، بأن تكون الكلمة مستعملة في غير ما وضعت له في عرف اللغة، ولم يقصد بها المجاز، كاستعمال كلمة الأيم بمعنى الثيب في قول البحتري:

تشق عليه الريح كل عشية ... جيوب الغمام بين بكر وأيم

فقد وضع الأيم في مقابلة البكر، والأيم في اللغة تطلق على المرأة التي لا زوج لها، بكراً كانت أو ثيباً.

وقيل: فصاحة المفرد: خلوصه مما ذكر ومن الكراهة في السمع، بأن يتبرأ السمع من سماعه كما يتبرأ من سماع الأصوات المنكرة، لأن اللفظ من قبيل الأصوات، والأصوات منها، ما تستلذ النفس بسماعه ومنها ما تستكرهه، وذلك نحو: (الجرشى) في قول أبي الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة أبا الحسن عليا:

وما قست كل ملوك البلاد ... فدع ذكر بعض، بمن في حلب

ولو كنت سميتهم باسمه ... لكان الحديد وكانوا الخشب

أفي الرأي يشبه أم في السخاء ... أم في الشجاعة، أم في الأدب

<<  <   >  >>