للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: [وَوَصْفُ المَكْرِ بالسَّيِّئِ أَصْلٌ، وإضافَتُه إليه قَبْلُ اسْتِعْمالٌ آخَرُ قُدِّرَ فيه مُضَافٌ حَذَرًا من الإِضافَةِ إلى الصِّفَة] هذا كَلَام قليلُ الفائِدَة مُعقَّدُ المَعْنى في الواقِعِ.

فَقَوْل المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [أَصْلٌ] يعني جارٍ على الأَصْلِ؛ لأنَّ الأَصْلِ أنَّ الوَصْفَ يَنْفَصِلُ عن المَوْصوفِ ولا يُضافُ إليه المَوْصوفُ؛ فأنت تقول: مَرَرْتُ بزيدٍ الفاضِلِ، فتجعل الصِّفَةَ مُنْفَصِلَةً عن المَوْصوفِ تابعةً له، وليس مضافًا إليها.

قال تعالى: {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} مَكْر السَّيِّئِ، فهنا لم يُوصَفِ المَكْر بالسَّيِّئِ ولكنْ أُضيفَ المَكْر إلى السَّيِّئِ، وَقَوْل المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [إضافَتُه إليه قَبْلُ] مَعْنى (قَبْلُ) يعني: قبلَ هذه الجُمْلَةِ، ويعني بذلك قَوْله تعالى: {وَمَكْرَ السَّيِّئِ}.

وَقَوْله: [استعمالٌ آخَرُ] على خلافِ الأَصْلِ؛ لأنَّ الأَصْلَ أنَّ الصِّفَةَ تَقَعُ تبعًا للمَوْصوفِ لا أنَّ المَوْصوفَ يُضافُ إلى الصِّفَة.

لكن يَجوزُ أن يُضافَ المَوْصوفُ إلى الصِّفَة؛ ولهذا يَمُرُّ بكم دائمًا قَوْلُ العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ: "هذا من بابِ إضافَةِ المَوْصوفِ إلى صِفَتِهِ" مثل قَوْلهم: هذا مَسْجِدُ الجامِعِ؛ أصله: (هذا المَسْجِدُ الجامِعُ) لكن أضيفَ إلى صِفَتِه وهو كثيرٌ، كما أنَّ - أيضًا - الصِّفَةُ تضافُ إلى المَوْصوفِ أحيانًا؛ مثل: طاهِر القَلْبِ؛ هذه صِفَةٌ مُضافَةٌ إلى مَوْصوفِها؛ كما قال ابْنُ مالِكٍ رَحِمَهُ الله في الأَلْفِيَّة:

................... ... كَطَاهِرِ القَلْبِ جَميلِ الظَّاهِرْ (١)

فهذا من بابِ إضافَةِ الصِّفَةِ إلى المَوْصوفِ.

إذن: نأخُذُ من هنا أنَّه يجوز إضافَةُ الصِّفَةِ إلى المَوْصوفِ، وإضافَةُ المَوْصوفِ


(١) الألفية (ص ٤٢).

<<  <   >  >>