عن مَنْصُور، عن الحَسَن، عن أبي بَكْرة، عن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "الحَيَاء مِنَ الإِيمَان". وحَدِيْث سَعْدَوَيْه" (١).
وقال أَبُو العَبَّاس عَبْد الله بن أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيُّ: "كُنَّا نَخْتَلِفُ إلى إِبْرَاهِيم بن نَصْر بن أبي اللَّيْث سنة سِت عَشْرة ومائتين، أنا وأبي أَحْمَد، ويَحْيَى بن مَعِين، ومُحَمَّد بن نُوْح، وأَحْمَد بن حَنْبَل في غَيْر مَجْلِس، نَسْمَع منه "تَفْسِير الأَشْجَعِي"، فَكَان يَقْرأه عَلَيْنَا من صَحِيْفَة كَبِيْرَة، فَأَوَّل مَنْ فَطِن لَهُ أبي أنَّه كَذَّاب، فقال له: يا أبا إِسْحَاق، هذه الصَّحِيْفَة كأنَّها أَصْل الأَشْجَعِي؟ ! قال: نَعَم، كانت له نُسْخَتَان، فَوَهبَ لي نُسْخَة. فَسَكَت أبي. فلمَّا خَرَجْنَا من عِنْده قال لي أبي: يا بُنَي، ذَهَب عَناؤنا إلى هذا الشَّيخ باطلًا، الأَشْجَعِي كان رجلًا فَقِيْرًا، وكان يُوْصَلُ، وقد رَأَيْنَاه وسَمِعْنَا مِنْه، مِنْ أَيْن كان يُمْكِنُه أن يكون له نُسْخَتَان؟ فلا تَقُلْ شيئًا، واسْكُت! فلم يَزَلْ أَمْرُهُ مَسْتُوْرًا، حتى حَدَّث بِحَدِيث أبي الزُّبَيْر، عن جابِر في الرُّؤْيَة، وأَقَبلَ يتَّبع كُلَّ حَدِيث فيه رُؤيَة يَدّعِيه، فأَنْكَر عَلَيْه ذلك يَحْيَى بن مَعِين، لِكَثْرَة حَدِيثِ ما ادَّعى، وتَوَقّى أنْ يَقُول فيه شَيْئًا. وحَدَّث بِحَدِيث عَوْف بن مالك "إنَّ الله إِذَا تَكَلَّم تَكَلَّم بِثَلاثمائة لِسَان".
فقال يَحْيَى: هذا الحَدِيث أُنْكِر على نُعَيْم الفَارِض، مِنْ أَيْن سَمِع هَذا مِنَ الوَلِيد بن مُسْلِم؟ ! فجاء رَجُل خُراسَانِي، فقال: أَنَا دَفَعْتُه إلى إِبْرَاهِيم بن أبي اللَّيْث في رُقْعَةٍ تلك الجُمْعَة.
فقال يَحْيَى: لا يُسْقَط حَدِيث رَجُل بِرَجُل واحد. فلمَّا كان بَعْد قَلِيْل حَدَّث
(١) قال الحافظ في التَّعْجِيل (١/ ٢٧٥) بَعْد نَقْلِه لهذا النَّص عن أبي دَاوُد: وهذا عِنْدِي أَعْدل الأَقْوَال فيه، والله أعلم.