للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"لمَّا بَلَغَ ابنُ خُزَيْمَةَ مِنَ السِّنِ وَالرِّيَاسَةِ وَالتَّفَرُّدِ بِهِما مَا بَلَغَ، كَانَ لَهُ أَصْحَابٌ صَارُوَا أَنْجُمَ الدُّنْيَا، مِثْل: أَبِي عِليٍّ الثّقفِي، وَأَبِي بَكْر ابن إِسْحَاق الصِّبْغِى خَلِيْفَةُ بن خُزَيْمَة فِي الفَتْوَى، وَأَحْسَنُ الجَمَاعَة تَصْنِيْفًا وَسِيَاسَةً فِي مَجَالِس السَّلاطِيْن، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي عُثْمَان وَهُوَ آدَبُهُمْ وَأَكْثَرُهُم جَمْعًا للعُلُوْمِ، وَأَبِي مُحَمَّد يَحْيَى بن مَنْصُوْر وَكَانَ مِنْ أَكَابِر البُيُوْتَاتِ، وَأَعْرَفِهِمْ بِمَذْهَبِ ابنِ خُزَيْمَة، وَأَصْلَحِهِمْ للقَضَاء.

فَلَمَّا وَرَدَ مَنْصُوْر الطُّوْسِي كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى ابنِ خُزَيْمَة للسَّمَاعِ - وَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ -، وَعَايَنَ مَا عَايَنَ مِنَ الأَرْبَعَةِ الَّذِيْن سَمَّيْنَاهُم حَسِدَهُم، وَاجْتَمَعَ مَعَ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الوَاعِظ فَقَالا هَذَا إِمَامٌ لا يُسْرِعُ فِي الكَلامِ ويَنْهَى عَنْهُ، وَقَدْ نَبَغَ لَهُ أَصْحَابٌ يُخَالِفُونَهُ وَهُوَ لا يَدْرِى، فَإِنَّهُم عَلَى مَذْهَب الكُلّابِيَّة، فَاسْتَحْكَمَ طَمَعَهُمَا فِي إِيْقَاعِ الوِحْشَةِ بَيْنَهُم.

قَالَ الحَاكِم وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْر أَحْمَد بن يَحْيَى المُتَكَلِّم قَالَ:

"لمَّا انْصَرَفْنَا مِنَ الضِّيَافَةِ (١) اجْتَمَعْنَا لَيْلَةً عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْم وَجَرَى ذِكْرُ كَلامِ الله أَقَدِيْمٌ لَمْ يَزَلْ أَوْ يَثْبُتُ عِنْدَ إِخْبَارِهِ تَعَالى أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، فَوَقَعَ بَيْنَنَا فِي ذَلِكَ خَوْضٌ، فَقَالَ: جَمَاعَةٌ مِنَّا إِنَّ كَلامَ البَارِي قَدِيْمٌ لَمْ يَزَلْ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ كَلامُهُ قَدِيْمٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ إِلا بِإِخْبَارِهِ وَبِكَلامِهِ، فَبَكَّرْتُ إِلَى أَبِي عَليٍّ الثَّقَفِي وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا


(١) يَعْنِي: الضِّيَافَة الَّتِي عَمِلَهَا ابنُ خُزَيْمَة هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ لمَّا تُوُفِّي الحَاكَم أَبُو سَعِيد عَبْدُ الرَّحْمَن بن الحُسَيْن بن خَالِد النَّيْسَابُوْرِي وَذَلِكَ سَنَة تِسْعٍ وَثَلاثُمِائَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>