"سَمْعْتُ ابنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: زَعَمَ بَعْضُ هَؤُلاءِ الجَهَلَةِ أَنَّ اللهَ لا يُكَرِّرُ الكَلامَ، فَلا يَفْهَمُوْنَ كَلامَ الله، إِنَّ اللهَ قَدْ أَخْبَرَ فِي مَوَاضِعَ أنهُ خَلَقَ آدَم، وَكَرَّرَ ذِكَرَ مُوْسَى، وَحِمَدَ نَفْسَهُ فِي مَوَاضِعَ، وَكَرَّرَ "فَبِأي آلاءِ رَبُكُمَا تُكَذِّبَان" وَلَمْ أَتَوَهَمُ مُسْلِمًا يَتَوَهَّمُ أَنَّ اللهَ لا يَتَكَلَّمُ بِشَيءٍ مَرَّتَيْن.
قَالَ الحَاكِم: وَسَمِعْتُ الصِّبْغِيَّ يَقُولُ:
"لمَّا اغْتَنَمُوا السَّعْي فِي فَسَادِ الحَال انْتَصَبَ أَبُو عَمْرو الحِيْرِي للتَّوَسُطِ، وَقَرَّرَ لأَبِي بَكْرٍ اعْتِرَافًا لَهُ بِالقِدَمِ، وَبَيَّنَ لَهُ غَرَضَ المُخَالِفِيْنَ إِلَى أَنْ وَافَقَهُ عَلَى أَنْ يَجْتَمِعَ عِنْدَهُ، فَدَخَلْتُ أَنَا وَابنُ أَبِي عُثْمَان، وَأَبُوْ عَلي الثَّقَفِيُّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلي: مَا الَّذِي أَنْكَرْتَ مِنْ مَذَاهِبِنَا أَيُّهَا الأُسْتَاذُ، حَتَّى نَرْجِعَ عَنْهُ؟ قَالَ مَيْلُكُم إِلَى الكُلابِيَّة، فَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بن حَنْبَل مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى عَبْد الله بن سَعِيد، وَعَلَى أَصْحَابِهِ كَالحَارِث، وَغَيْرِهِ، حَتَّى طَالَ الخِطَابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي عَلِيِّ فِي هَذَا، فَقُلْتُ أَنَا: قَدْ جَمَعْتُ أُصُوْلَ مَذَاهِبِنَا فِي طَبَقٍ، وَأَخْرَجْتُهُ؛ فَأَخَذَهُ مِنِّي، وَتَأَمَّلَهُ، وَنَظَرَ فِيهِ، فَقَالَ: لَسْتُ أَرَى هَاهُنَا شَيْئًا لا أَقُوْلُ بِهِ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُهُ، فَكَتَبَ، فَقُلْتُ لأَبِي عَمْرو الحِيْرِي احْتَفِظْ بِهَذَا الخَطّ حَتَّى يَنْقَطِعَ الكَلام، وَلا يُتَّهَمُ وَاحِدٌ مِنَّا بِالزِّيَادَةِ فِيهِ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَا، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعِ مِنْ أَنْ قَصَدَهُ فُلانٌ وَفُلانٌ وَقَالا: إِنَّكَ لَمْ تَتَأَمَّلْ مَا كُتِبَ فِي ذَلِكَ الخَطّ، وَقَدْ غَدَرُوَا بِكَ وَغَيَّرُوَا صُوْرَةَ الحِالَ، فَقَبِلَ مِنْهُم، فَبَعَثَ إِلَى الحِيْرِي لاسْتِرْجَاعِ خَطِّهِ مِنْهُ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ رَدَّهُ الحِيْرِيُّ إِلَيّ، وَقَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ يُدْفَنَ مَعِيَ فَأُحَاجَّهُ بَيْنَ يَدَيّ الله، وَهُو:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute