الطالبُ الأصلَ لِلْشيخِ، ويقولَ له في الصورتَين: هذا رِوايتي عن فُلانٍ فارْوِهِ عني، وشَرْطُهُ أيضًا أنْ يُمَكِّنَهُ منه إمَّا بالتمليكِ وإمَّا بالعاريّة لِيَنْقُلَ منه ويُقَابِلَ عليه، وإلَّا إنْ ناوَلَهُ واسْتَرَدَّ في الحالِ فلا يتبيَّنُ لها زِيادةُ مَزِيَّةٍ على الإجازةِ المُعيَّنةِ، وهي أنْ يُجيزَهُ الشيخُ بروايةِ كِتَابٍ مُعَيَّنٍ ويُعَيِّنَ له كيفيةَ روايتهِ له. وإذا خَلَتْ المُناولَةُ عنِ الإذْنِ لم يُعْتَبَرْ بها عندَ الجمهورِ، وجَنَحَ مَنْ اعتبرَها إلى أنَّ مُناوَلَتَه إيَّاهُ تقومُ مَقامَ إرسالِه إليه بالكِتابِ مِنْ بَلَدٍ إلى بَلد.
وقد ذَهَبَ إلى صِحَّةِ الرِّوايةِ بالكِتابةِ المُجَرَّدةِ جماعةٌ من الأئمَّةِ، ولو لم يُقْرَنْ ذلك بالإذْنِ بالرِّوايةِ، كأنَّهم اكْتَفَوْا في ذلك بالقَرينةِ، ولم يَظْهَرْ لي فَرْقٌ قويٌّ بينَ مُنَاوَلَةِ الشيخِ مِنْ يَدِهِ للطالِبِ وبَيْنَ إرسالهِ إليه بالكِتَابِ مِنْ موضعٍ إلى آخَرَ إذا خَلا كلٌّ منهما عن الإذْنِ.
وكذا اشترطوا الإذْنَ في الوِجَادَةِ:
وهي أنْ يَجِدَ بِخَطٍّ يُعْرَفُ كاتبُه فيقولُ:"وَجَدْتُ بخَطِّ فُلانٍ"(١). ولا يَسُوغُ فيه إِطَلاقُ أخبرني بمُجَرَّد ذلك، إلَّا إِنْ كانَ له منه إِذْنٌ بالرِّواية عنه، وأَطْلَقَ قومٌ ذلك فَغُلِّطُوا.
وكذا الوصيَّةِ بالكِتَابِ:
وهو أنْ يُوصيَ عندَ موتهِ أو سَفَرِه لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بأصْلِه أو بأُصولِه، فقد قال قومٌ مِنَ الأئمَّة المتقدِّمين: يجوز له أنْ يرويَ تلك الأصولَ عنه بمجرد هذه الوصيةِ، وأبى ذلك الجمهورُ إِلَّا إِنْ كان له منه إِجازةٌ.
وكذا اشترطوا الإذْنَ بالرِّوايةِ في الإعلامِ: وهو أنْ يُعْلِمَ الشيخُ أحدَ الطَّلَبةِ بأنَّني أَروي الكتابَ الفُلانِيَّ عن فلانٍ.
(١) ونَحْوُ ذلك قولُ العلماءِ: قال فُلانٌ في كتاب كذا، أو قال فلانٌ .. لِمَا أَخَذَهُ من كِتَاب، ولو لَمْ يَذْكر اسمَ الكتابِ. ونَحْوه العَزْو إلى المراجِعِ في الحاشية.