للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللِّحْيَانِيُّ: حاجَ الرجلُ يَحُوجُ ويَحِيجُ، وَقَدْ حُجْتُ وحِجْتُ أَي احْتَجْتُ. والحَوْجُ: الطَّلَبُ. والحُوجُ: الفَقْرُ؛ وأَحْوَجَه اللَّهُ. والمُحْوِجُ: المُعْدِمُ مِنْ قَوْمٍ مَحاويجَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَحاويجَ إِنما هُوَ جَمْعُ مِحْواجٍ، إِن كَانَ قِيلَ، وإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْوَاوِ. وتَحَوَّجَ إِلى الشَّيْءِ: احْتَاجَ إِليه وأَراده. غَيْرُهُ: وَجَمْعُ الحاجةِ حاجٌ وحاجاتٌ وحَوائِجُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم جَمَعُوا حائِجَةً، وَكَانَ الأَصمعي يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ هُوَ مولَّد؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما أَنكره لِخُرُوجِهِ عَنِ الْقِيَاسِ، وإِلَا فَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَيَنْشُدُ:

نَهارُ المَرْءِ أَمْثَلُ، حِينَ تُقْضَى ... حَوائِجُهُ، مِنَ اللَّيْلِ الطَّويلِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما أَنكره الأَصمعي لِخُرُوجِهِ عَنْ قِيَاسِ جَمْعِ حَاجَةٍ؛ قَالَ: وَالنَّحْوِيُّونَ يَزْعُمُونَ أَنه جَمْعٌ لِوَاحِدٍ لَمْ يُنْطَقْ بِهِ، وَهُوَ حَائِجَةٌ. قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنه سُمِعَ حائِجَةٌ لُغَةٌ فِي الحاجةِ. قَالَ: وأَما قَوْلُهُ إِنه مُوَلَّدٌ فإِنه خطأٌ مِنْهُ لأَنه قَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي أَشعار الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ، فَمِمَّا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا رُوِيَ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِن لِلَّهِ عِبَادًا خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ النَّاسِ، يَفْزَعُ الناسُ إِليهم فِي حَوَائِجِهِمْ، أُولئك الْآمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:

أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: اطْلُبُوا الحوائجَ إِلى حِسانِ الْوُجُوهِ.

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

اسْتَعِينُوا عَلَى نَجاحِ الْحَوَائِجِ بالكِتْمانِ لَهَا

؛ وَمِمَّا جَاءَ فِي أَشعار الْفُصَحَاءِ قَوْلُ أَبي سَلَمَةَ الْمُحَارِبِيِّ:

ثَمَمْتُ حَوائِجِي ووَذَأْتُ بِشْراً، ... فبِئْسَ مُعَرِّسُ الرَّكْبِ السِّغابُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ثَمَمْتُ أَصلحت؛ وَفِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى أَن حَوَائِجَ جَمْعُ حَاجَةٍ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ جَمْعُ حَائِجَةٍ لُغَةٌ فِي الحاجةِ؛ وَقَالَ الشَّمَّاخِ:

تَقَطَّعُ بَيْنَنَا الحاجاتُ إِلَّا ... حوائجَ يَعْتَسِفْنَ مَعَ الجَريء

وَقَالَ الأَعشى:

الناسُ حَولَ قِبابِهِ: ... أَهلُ الْحَوَائِجِ والمَسائلْ

وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وَلِي ببلادِ السِّنْدِ، عندَ أَميرِها، ... حوائجُ جمَّاتٌ، وعِندي ثوابُها

وَقَالَ هِمْيانُ بنُ قُحَافَةَ:

حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحوائِجَا، ... ومَلأَتْ حُلَّابُها الخَلانِجَا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكُنْتُ قَدْ سُئِلْتُ عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ الرَّئِيسِ أَبي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ فِي كِتَابِهِ دُرَّة الغَوَّاص: إِن لَفْظَةَ حَوَائِجَ مِمَّا توهَّم فِي اسْتِعْمَالِهَا الْخَوَاصُّ؛ وَقَالَ الْحَرِيرِيُّ: لَمْ أَسمع شَاهِدًا عَلَى تَصْحِيحِ لَفْظَةِ حَوَائِجَ إِلا بَيْتًا وَاحِدًا لِبَدِيعِ الزَّمَانِ، وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:

فَسِيَّانِ بَيْتُ العَنْكَبُوتِ وجَوْسَقٌ ... رَفِيعٌ، إِذا لَمْ تُقْضَ فِيهِ الحوائجُ

فأَكثرت الِاسْتِشْهَادَ بِشِعْرِ الْعَرَبِ وَالْحَدِيثِ؛ وَقَدْ أَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَيضاً:

صَرِيعَيْ مُدامٍ، مَا يُفَرِّقُ بَيْنَنا ... حوائجُ مِنْ إِلقاحِ مالٍ، وَلَا نَخْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>