وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:
مَنْ عَفَّ خَفَّ، عَلَى الوُجُوهِ، لِقاؤُهُ، ... وأَخُو الحَوائِجِ وجْهُه مَبْذُولُ
وأَنشد أَيضاً:
فإِنْ أُصْبِحْ تُخالِجُني هُمُومٌ، ... ونَفْسٌ فِي حوائِجِها انْتِشارُ
وأَنشد ابْنُ خَالَوَيْهِ:
خَلِيلَيَّ إِنْ قامَ الهَوَى فاقْعُدا بِهِ، ... لَعَنَّا نُقَضِّي مِنْ حَوائِجِنا رَمّا
وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِبَعْضِ الرُّجّاز:
يَا رَبَّ، رَبَّ القُلُصِ النَّواعِجِ، ... مُسْتَعْجِلاتٍ بِذَوِي الحَوائِجِ
وَقَالَ آخَرُ:
بَدَأْنَ بِنا لَا راجِياتٍ لخُلْصَةٍ، ... وَلَا يائِساتٍ مِنْ قَضاءِ الحَوائِجِ
قَالَ: وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ إِيضاحاً مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ؛ قَالَ الْخَلِيلُ فِي الْعَيْنِ فِي فَصْلِ [رَاحَ] يُقَالُ: يَوْمٌ راحٌ وكَبْشٌ ضافٌ، عَلَى التَّخْفِيفِ، مِن رَائِحٍ وَضَائِفٍ، بِطَرْحِ الْهَمْزَةِ، كَمَا قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
وسَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فَاهَا، فَلَوْنهُ ... كَلَوْنِ النَّؤُورِ، وهْي أَدْماءُ سارُها
أَي سَائِرُهَا. قَالَ: وَكَمَا خَفَّفُوا الْحَاجَةَ مِنَ الْحَائِجَةِ، أَلا تَرَاهُمْ جَمَعُوهَا عَلَى حَوَائِجَ؟ فأَثبت صِحَّةَ حَوَائِجَ، وأَنها مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وأَن حَاجَةً مَحْذُوفَةٌ مِنْ حَائِجَةٍ، وإِن كَانَ لَمْ يُنْطَقْ بِهَا عِنْدَهُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهَا عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي فِي كِتَابِهِ اللُّمَعِ، وَحَكَى الْمُهَلَّبِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَنه قَالَ حَاجَةٌ وَحَائِجَةٌ، وَكَذَلِكَ حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه يُقَالُ: فِي نَفْسِي حاجَةٌ وَحَائِجَةٌ وحَوْجاءُ، وَالْجَمْعُ حاجاتٌ وحوائجُ وحاجٌ وحِوَجٌ. وَذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِهِ الأَلفاظ بَابُ الْحَوَائِجِ: يُقَالُ فِي جَمْعِ حاجةٍ حاجاتٌ وحاجٌ وحِوَجٌ وحَوائجُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ، فِيمَا جَاءَ فِيهِ تَفَعَّلَ واسْتَفْعَلَ، بِمَعْنًى، يُقَالُ: تَنَجَّزَ فلانٌ حوائِجَهُ واسْتَنْجَزَ حوائجَهُ. وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ إِلى أَن حَوَائِجَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ حَوْجَاءَ، وَقِيَاسُهَا حَواجٍ، مِثْلُ صَحارٍ، ثُمَّ قُدِّمَتِ الْيَاءُ عَلَى الْجِيمِ فَصَارَ حَوائِجَ؛ وَالْمَقْلُوبُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بُداءَاتُ حَوائجك، فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنهم كَانُوا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ فِي الْبَسَاتِينِ وَالرَّاحَاتِ، وإِنما غَلِطَ الأَصمعي فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ كَمَا حُكِيَ عَنْهُ حَتَّى جَعَلَهَا مُوَلَّدَةً كونُها خَارِجَةً عَنِ الْقِيَاسِ، لأَن مَا كَانَ عَلَى مِثْلِ الْحَاجَةِ مِثْلَ غارةٍ وحارَةٍ لَا يُجْمَعُ عَلَى غَوَائِرَ وَحَوَائِرَ، فَقَطَعَ بِذَلِكَ عَلَى أَنها مُوَلَّدَةٌ غَيْرُ فَصِيحَةٍ، عَلَى أَنه قَدْ حَكَى الرَّقَاشِيُّ وَالسِّجِسْتَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الأَصمعي أَنه رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، وإِنما هُوَ شَيْءٌ كَانَ عَرَضَ لَهُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَلَا نَظَرٍ، قَالَ: وَهَذَا الأَشبه بِهِ لأَن مِثْلَهُ لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ إِذ كَانَ مَوْجُودًا فِي كَلَامِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَلَامِ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ؛ وكأَن الْحَرِيرِيَّ لَمْ يَمُرَّ بِهِ إِلا الْقَوْلُ الأَول عَنِ الأَصمعي دُونَ الثَّانِي، وَاللَّهُ أَعلم. والحَوْجاءُ: الحاجةُ. وَيُقَالُ مَا فِي صَدْرِي بِهِ حَوْجَاءُ وَلَا لَوْجاءُ، وَلَا شَكٌّ وَلَا مِرْيَةٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: لَيْسَ فِي أَمرك حُوَيْجاءُ وَلَا لُوَيْجاءُ وَلَا رُوَيْغَةٌ، وَمَا فِي الأَمر حَوْجاء وَلَا لَوْجاء أَي شَكٌّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وحاجَ يَحوجُ حَوْجاً أَي احْتَاجَ. وأَحْوَجَه إِلى غَيْرِهِ وأَحْوَجَ أَيضاً: بِمَعْنَى احْتَاجَ. اللِّحْيَانِيُّ: مَا لِي فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute