للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً؛ وَقَالَ: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ؛ قَالَ: وَلَوْ أُنثتا وَثُنِّيَتَا عَلَى بَعُدَتْ مِنْكَ فَهِيَ بَعِيدَةٌ وَقَرَبَتْ فَهِيَ قَرِيبَةٌ كَانَ صَوَابًا. قَالَ: وَمَنْ قَالَ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وذكَّرهما لَمْ يُثَنِّ قَرِيبًا وَبَعِيدًا، فَقَالَ: هُمَا مِنْكَ قَرِيبٌ وَهُمَا مِنْكَ بِعِيدُ؛ قَالَ: وَمَنْ أَنثهما فَقَالَ هِيَ مِنْكَ قَرِيبَةٌ وَبَعِيدَةٌ ثَنَّى وَجَمَعَ فَقَالَ قَرِيبَاتٌ وَبَعِيدَاتٌ؛ وأَنشد:

عَشِيَّةَ لَا عَفْراءُ منكَ قَريبةٌ ... فَتَدْنو، وَلَا عَفْراءُ مِنكَ بَعيدُ

وَمَا أَنت مِنَّا بِبَعِيدٍ، وَمَا أَنتم مِنَّا بِبَعِيدٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ؛ وَكَذَلِكَ مَا أَنت مِنَّا بِبَعَدٍ وَمَا أَنتم مِنَّا بِبَعَدٍ أَي بَعِيدٌ. قَالَ: وإِذا أَردت بِالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ قَرَابَةَ النَّسَبِ أَنثت لَا غَيْرَ، لَمْ تَخْتَلِفِ الْعَرَبُ فِيهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ؛ إِنما قِيلَ قَرِيبٌ لأَن الرَّحْمَةَ وَالْغُفْرَانَ وَالْعَفْوَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ تأْنيث لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ؛ قَالَ وَقَالَ الأَخفش: جَائِزٌ أَن تَكُونَ الرَّحْمَةُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْمَطَرِ؛ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي الفراءُ هَذَا ذُكِّرَ لِيَفْصِلَ بَيْنَ الْقَرِيبِ مِنَ القُرب والقَريب مِنَ الْقَرَابَةِ؛ قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ، كلُّ مَا قَرُب فِي مَكَانٍ أَو نَسَبٍ فَهُوَ جارٍ عَلَى مَا يُصِيبُهُ مِنَ التَّذْكِيرِ والتأْنيث؛ وَبَيْنَنَا بُعْدَةٌ مِنَ الأَرض وَالْقَرَابَةِ؛ قَالَ الأَعشى: بأَنْ لَا تُبَغِّ الوُدَّ منْ مُتَباعِدٍ، وَلَا تَنْأَ منْ ذِي بُعْدَةٍ إِنْ تَقَرَّبا وَفِي الدعاءِ: بُعْداً لَهُ نَصَبُوهُ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ إِظهاره أَي أَبعده اللَّهُ. وبُعْدٌ بَاعَدٌ: عَلَى الْمُبَالَغَةِ وإِن دَعَوْتَ بِهِ فَالْمُخْتَارُ النَّصْبُ؛ وَقَوْلُهُ:

مَدّاً بأَعْناقِ المَطِيِّ مَدَّا، ... حَتَّى تُوافي المَوْسِمَ الأَبْعَدَّا

فإِنه أَراد الأَبعد فَوَقَفَ فَشَدَّدَ، ثُمَّ أَجراه فِي الْوَصْلِ مُجْرَاهُ فِي الْوَقْفِ، وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ؛ كَقَوْلِهِ:

ضَخْماً يحبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا

وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ هُوَ أَبْعَد وأَبْعَدُونَ وأَقرب وأَقربون وأَباعد وأَقارب؛ وأَنشد:

منَ الناسِ مَنْ يَغْشى الأَباعِدَ نَفْعُه، ... ويشْقى بِهِ، حَتَّى المَماتِ، أَقارِبُهْ

فإِنْ يَكُ خَيراً، فالبَعيدُ يَنالُهُ، ... وإِنْ يَكُ شَرّاً، فابنُ عَمِّكَ صاحِبُهْ

والبُعْدانُ، جَمْعُ بَعِيدٍ، مِثْلَ رَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ قُرْبانِ الأَمير وَمِنْ بُعْدانِه؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ تَكُنْ مِنْ قُرْبان الأَمير فَكُنْ مِنْ بُعْدانِه؛ يَقُولُ: إِذا لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ يَقْتَرِبُ مِنْهُ فتَباعَدْ عَنْهُ لَا يُصِيبُكَ شَرُّهُ. وَفِي حَدِيثِ

مُهَاجِرِي الْحَبَشَةِ: وَجِئْنَا إِلى أَرض البُعَداءِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُمُ الأَجانب الَّذِينَ لَا قُرَابَةَ بَيْنِنَا وَبَيْنَهُمْ، وَاحِدُهُمْ بَعِيدٌ. وَقَالَ النَّضِرُ فِي قَوْلِهِمْ هَلَكَ الأَبْعَد قَالَ: يَعْنِي صاحبَهُ، وَهَكَذَا يُقَالُ إِذا كَنَّى عَنِ اسْمِهِ. وَيُقَالُ للمرأَة: هَلَكَتِ البُعْدى؛ قال الأَزهري: هذا مثل قَوْلِهِمْ فَلَا مَرْحباً بِالْآخَرِ إِذا كَنَّى عَنْ صَاحِبِهِ وهو يذُمُّه. ويقال: أَبعد اللَّهُ الْآخِرَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ للأُنثى مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُمْ: كبَّ اللَّهُ الأَبْعَدَ لِفيه أَي أَلقاه لِوَجْهِهِ؛ والأَبْعَدُ: الخائنُ. والأَباعد: خِلَافُ الأَقارب؛ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ مِنْكَ وَغَيْرُ بَعَدٍ. وَبَاعَدَهُ مُباعَدَة وبِعاداً وَبَاعَدَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا وبَعَّد؛ ويُقرأُ: رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا

، وبَعِّدْ؛ قَالَ الطرمَّاح:

تُباعِدُ مِنَّا مَن نُحِبُّ اجْتِماعَهُ، ... وتَجْمَعُ مِنَّا بَيْنَ أَهل الضَّغائِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>