للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصَرْدٌ، مَجْزُومٌ: تَرَاهُ مِنْ تُؤَدَتِه كأَنه «١» سَيْرُه جَامِدٌ، وَذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:

بأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تحْسَبُ أَنَّهُم ... وُقُوفٌ لِحَاجٍ، والرِّكابُ تُهَمْلِج

وَقَالَ خُفَافُ بنُ نُدْبَةَ:

صَرَدٌ تَوَقَّصَ بالأَبْدان جُمْهُور

والتَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْءِ عَلَى الأَرض. والتَّصريدُ: سَقْيٌ دُونَ الرَّيِّ؛ وَقَالَ عُمَرُ يَرْثِي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ:

يُسْقَوْنَ مِنْهَا شَراباً غَيْرَ تَصْرِيد

وَفِي التَّهْذِيبِ: شُرْبٌ دُونَ الرَّيِّ. يُقَالُ: صَرَّدَ شُرْبه أَي قطعَه. وصَرِدَ السِّقاءُ صَرَداً أَي خرج زُبْدُه متقطعاً فَيُداوى بِالْمَاءِ الحارِّ، وَمِنْ ذَلِكَ أُخِذَ صَرْدُ الْبَرْدِ. والتَّصْرِيدُ فِي الْعَطَاءِ: تَقْليله، وَشَرَابٌ مُصَرَّدٌ أَي مُقَلَّل، وَكَذَلِكَ الَّذِي يُسقَى قَلِيلًا أَو يُعْطى قَلِيلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا تَصرِيداً

أَي قَلِيلًا. وصَرَّدَ الْعَطَاءَ: قَلَّله. والصَّرْدُ: الطعنُ النافذُ. وصَرِد الرمحُ والسَّهم يَصْرَدُ صَرَداً: نَفَذَ حدُّه. وصَرَدَه هُوَ وأَصْرده: أَنْفَذَه مِنَ الرَّميَّة، وأَنا أَصْرَدْتُه؛ وَقَالَ اللَّعِينُ المِنْقَريُّ يُخَاطِبُ جَريراً وَالْفَرَزْدَقَ:

فَمَا بُقْيا عليَّ تَرَكْتُماني، ... ولكِنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبال

وأَصْرَدَ السهمُ: أَخْطَأَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي بَيْتِ اللَّعِينِ: مَنْ أَراد الصَّوَابَ قَالَ: خِفْتُمَا أَن تُصِيبَ نِبالي، وَمَنْ أَراد الخَطَأَ قَالَ: خفْتما إِخْطاءَ نِبَالِكُمَا. والصَّرَدُ والصَّرْدُ: الخَطَأُ فِي الرُّمْحِ وَالسَّهْمِ وَنَحْوِهُمَا، فَهُوَ عَلَى هَذَا ضِدٌّ. وَسَهْمٌ مِصْرادٌ وصاردٌ أَي نَافِذٌ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: سَهْمٌ مُصَرِّد مُصِيبٌ، وَسَهْمٌ مُصْرِدٌ أَي مُخْطِئ؛ وأَنشد فِي الإِصابة:

عَلَى ظَهْرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصَرِّد

أَي مُصِيب؛ وَقَالَ الْآخَرُ:

أَصْرَدَه الموتُ وَقَدْ أَطَلَّا

أَي أَخْطَأَه. والصُّرَدُ: طَائِرٌ فَوْقَ الْعُصْفُورِ، وَقَالَ الأَزهري: يَصِيدُ الْعَصَافِيرَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

حَتَّى اسْتَبانتْ مَعَ الإِصْباحِ رَامَتُها، ... كأَنَّه فِي حَواشِي ثَوْبِه صُرَد

أَراد: أَنه بَيْنَ حاشِيتي ثَوْبِهِ صُرَدٌ مِنْ خِفته وَتَضَاؤُلِهِ، وَالْجَمْعُ صِرْدانٌ؛ قَالَ حُمَيْدٌ الْهِلَالِيُّ:

كأَنّ، وَحَى الصِّرْدانِ فِي جَوْفِ ضَالَةٍ، ... تَلَهْجُمَ لَحْيَيْهِ، إِذا مَا تَلَهْجَما «٢»

وَفِي الْحَدِيثِ:

نُهِي المحرِمُ عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

نَهى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَتْلِ أَربع: النملةِ وَالنَّحْلَةِ والصُّرَدِ والهُدهد

؛ وَرُوِيَ عَنْ إِبراهيم الحَرْبي أَنه قَالَ: أَراد بِالنَّمْلَةِ الكُبَّارَ الطَّوِيلَةَ الْقَوَائِمِ الَّتِي تَكُونُ فِي الخَرِبات وَهِيَ لَا تُؤْذِي وَلَا تَضُرُّ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النَّحْلَةِ لأَنها تُعَسِّلُ شَرَابًا فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ وَمِنْهُ الشَّمْعُ، ونَهَى عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَطَّيَّرُ مِنْ صَوْتِهِ وتتشاءَم بِصَوْتِهِ وشَخْصِه؛ وَقِيلَ: إِنما كَرِهُوهُ مِنِ اسْمِهِ مِنَ التَّصْرِيدِ وَهُوَ التَّقْلِيلُ، وَهُوَ الواقِي عِنْدَهُمْ، ونهى عن


(١). قوله [من تؤدته كأَنه إلخ] عبارة الأَساس كأَنه من تؤدة سيره جامد.
(٢). قوله [كأن وحى إلخ] وحى خبر كأن مقدم وتلهجم اسمها مؤخر كما هو صريح حل الصحاح في مادة لهجم.

<<  <  ج: ص:  >  >>