قَتْلِهِ رَدّاً للطِّيَرة، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ لأَنه أَطاع نَبِيًّا مِنَ الأَنبياءِ وأَعانه؛ وَفِي النِّهَايَةِ: أَما نَهْيُهُ عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ فَلِتَحْرِيمِ لَحْمِهِمَا لأَن الْحَيَوَانَ إِذا نُهِي عَنْ قَتْلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِاحْتِرَامِهِ أَو لِضَرَرٍ فِيهِ، كَانَ لِتَحْرِيمِ لَحْمِهِ، أَلا تَرَى أَنه نُهِيَ عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مأْكلة؟ وَيُقَالُ: إِن الْهُدْهُدَ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَصَارَ فِي مَعْنَى الجَلَّالَةِ؛ وَقِيلَ: الصُّرَدُ طَائِرٌ أَبقع ضَخْمُ الرأْس يَكُونُ فِي الشَّجَرِ، نَصِفُهُ أَبيض وَنَصِفُهُ أَسود؛ ضَخْمُ المِنقار لَهُ بُرْثُنٌ عَظِيمٌ نَحْوٌ مِنَ القارِية فِي العِظَمِ وَيُقَالُ لَهُ الأَخْطَب «١» لِاخْتِلَافِ لَوْنَيْهِ، والصُّرَد لَا تَرَاهُ إِلا فِي شُعْبَة أَو شَجَرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحد. قَالَ سُكَيْنٌ النُّمَيري: الصُّرَدُ صُرَدان: أَحدهما أَسْبَدُ يُسَمِّيهِ أَهل الْعِرَاقِ العَقْعَقَ، وأَما الصُّرَدُ الهَمْام، فَهُوَ البَرِّيُّ الَّذِي يَكُونُ بِنَجْدٍ فِي الْعِضَاهِ، لَا تَرَاهُ إِلا فِي الأَرض يَقْفِزُ مِنْ شَجَرٍ إِلى شَجَرٍ، قَالَ: وإِن أَصْحَر وطُرِدَ فأُخذَ؛ يَقُولُ: لَوْ وَقَعَ إِلى الأَرض لَمْ يَسْتَقِلَّ حَتَّى يُؤْخَذَ، قَالَ: وَيُصَرْصِرُ كَالصَّقْرِ؛ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا يُصاد بِكَلْبِ مجوسيٍّ وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ صَيْدِ الْمَجُوسِيِّ إِلا السَّمَكُ، وكُرِه لَحْمُ الصُّرَد، وَهُوَ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله: سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، قَالَ: أَقبلت السَّكِينَةُ وَالصُّرَدُ وَجِبْرِيلُ مَعَ إِبراهيم مِنَ الشَّامِ. والصَّرْدُ: البَحْتُ الخالصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً أَي خَالِصًا، وَشَرَابٌ صَرْدٌ. وَسَقَاهُ الْخَمْرَ صَرْداً أَي صِرفاً؛ وأَنشد:
فإِنَّ النَبِيذَ الصَّرْدَ إِنْ شُرْبَ وَحْدَهُ، ... عَلَى غَيْرِ شَيءٍ، أَوجَعَ الكِبْدَ جُوعها
وذهَبٌ صَرْدٌ: خَالِصٌ. وَجَيْشٌ صَرْدٌ: بَنُو أَب وَاحِدٍ لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ مَعَهُ جَيْش صَرْدٌ أَي كُلُّهُمْ بَنُو عَمِّهِ؛ وكَذِبٌ صَرْدٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: الصَّرَدُ أَن يَخْرُجَ وبَرٌ أَبيضُ فِي مَوْضِعِ الدَّبَرَةِ إِذا بَرَأَتْ، فَيُقَالُ لِذَلِكَ الموضِع صُرَدٌ وَجَمْعُهُ صِرْدانٌ؛ وإِياهما عَنَى الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا:
كأَنَّ مَوَاضِعَ الصِّرْدانِ مِنْهَا ... مناراتٌ بُدِينَ عَلَى خِمارِ
جَعَلَ الدَّبَرَ فِي أَسنمة شَبَّهَهَا بِالْمَنَارِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصُّرَدُ بَيَاضٌ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ مِنْ أَثر الدَّبَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والصُّرَدُ بَيَاضٌ يَكُونُ فِي سَنَامِ الْبَعِيرِ وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والصُّرَدُ كَالْبَيَاضِ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ مِنَ السَّرْج. يُقَالُ: فرسٌ صَرِدٌ إِذا كَانَ بِمَوْضِعِ السَّرْجِ مِنْهُ بياضٌ مِنْ دَبَر أَصابه يُقَالُ لَهُ الصُّرَدُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الصُّرَدُ مِنَ الفرسِ عِرْقٌ تَحْتَ لِسَانِهِ؛ وأَنشد:
خَفِيفُ النَّعامَةِ ذُو مَيْعَة، ... كَثِيفُ الفَراشَةِ ناتِي الصُّرَدْ
ابْنُ سِيدَهْ: والصُّرَدُ عِرْقٌ فِي أَسْفل لِسَانِ الْفَرَسِ. والصُّرَدَانِ: عِرْقان أَخضران يَسْتَبْطِنَانِ اللسانَ، وَقِيلَ: هُمَا عَظْمَانِ يُقِيمَانِهِ، وَقِيلَ: الصُّرَدَانِ عِرْقَانِ مُكْتَنِفانِ اللسانَ؛ وأَنشد لِيَزِيدَ بْنِ الصَّعِق:
وأَيُّ الناسِ أَعْذَرُ مِنْ شَآمٍ، ... لَهُ صُرَدانِ مُنْطَلِقا اللِّسانِ؟
أَي ذَرِبانِ. قَالَ اللَّيْثُ: الصُّرَدانِ عِرْقانِ أَخضران أَسْفَلَ اللِّسَانِ فِيهِمَا يَدُورُ اللِّسَانُ؛ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ. والصُّرَدُ: مِسْمَارٌ يَكُونُ فِي سِنان الرُّمح؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْهَا صَريعٌ وضاغٍ فوقَ حَرْبَتِهِ، ... كَمَا ضَغا تَحْتَ حَدِّ العامِلِ الصُّرَدُ
(١). قوله [ويقال له الأَخطب إلخ] عبارة المصباح: ويسمى المجوّف لبياض بطنه، والأَخطب لخضرة ظهره، والأخيل لاختلاف لونه.