للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَفْصَدَ الشجرُ وانفَصَدَ: انْشَقَّتْ عُيون وَرَقِهِ وبَدَتْ أَطرافُه. والمُنْفَصِدُ: السَّائِلُ وَكَذَلِكَ المُتَفَصِّدُ. يُقَالُ: تَفَصَّدَ جبينُه عَرَقاً، إِنما يُرِيدُونَ تَفَصَّد عَرَقُ جبينِه، وَكَذَلِكَ هَذَا الضَّرْبُ مِنَ التَّمْيِيزِ إِنما هُوَ فِي نِيَّةِ الْفَاعِلِ. وانفَصَدَ الشيءُ وتَفصَّدَ: سالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا نَزَلَ عَلَيْهِ الوحيُ تَفَصَّدَ عَرَقاً.

يُقَالُ: هُوَ يَتَفَصَّدُ عَرَقًا ويَتَبَضَّعُ عَرَقًا أَي يسيلُ عَرَقًا. مَعْنَاهُ أَي سالَ عَرَقُهُ تَشْبِيهًا فِي كَثْرَتِهِ بالفِصاد، وعَرَقاً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رأَيت فِي الأَرض تَفْصِيدًا مِنَ السَّيْلِ أَي تَشَقُّقاً وتَخَدُّداً. وَقَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: التفصيدُ أَن يُنْقَع بشيءٍ مِنْ ماءٍ قَلِيلٍ. وَيُقَالُ: فصَد لَهُ عَطَاءً أَي قَطع لَهُ وأَمضاهُ يَفْصِدُه فَصْداً.

فقد: فَقَدَ الشيءَ يَفْقِدُه فَقْداً وفِقْداناً وفقُوداً، فَهُوَ مَفْقُودٌ وفَقِيدٌ: عَدِمَه؛ وأَفْقَدَه اللَّهُ إِياه. والفاقِدُ مِنَ النساءِ: الَّتِي يموتُ زَوْجُها أَو ولدُها أَو حَمِيمُهَا. أَبو عُبَيْدٍ: امرأَة فاقِدٌ وَهِيَ الثَّكُولُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:

كأَنَّها فاقِدٌ شَمْطاءُ مُعْوِلَةٌ ... ناحَتْ، وجاوَبَها نُكْدٌ مَناكِيدُ

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي تتزوج بَعْدِ مَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَمَاتَ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا تَتَزَوَّجَنَّ فاقِداً وَتَزَوَّجْ مُطَلَّقَةً. وظَبْيَةٌ فاقِدٌ وبقرةٌ فاقِدٌ: شبع وَلَدُهَا؛ وَكَذَلِكَ حَمامَة فاقِدٌ؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ:

إِذا فاقِدٌ، خَطْباءُ، فَرْخَينِ رَجَّعَتْ، ... ذَكَرْتُ سُلَيْمَى فِي الخَلِيطِ المُبايِن

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده سِيبَوَيْهِ بِتَقْدِيمِ خَطْباءُ عَلَى فَرْخَينِ مُقَوِّياً بِذَلِكَ أَن اسْمَ الْفَاعِلِ إِذا وُصِفَ قَرُب مِنَ الِاسْمِ، وَفَارَقَ شبَهَ الْفِعْلِ. والتفقُّدُ: تَطَلُّبُ مَا غَابَ مِنَ الشَّيْءِ. وَرُوِيَ عَنْ

أَبي الدَّرْدَاءِ أَنه قَالَ: مَنْ يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ، وَمَنْ لَا يُعِدَّ الصَّبْرَ لفواجِعِ الأُمور يَعْجِزْ

؛ فالتَّفقُّدُ: تَطَلُّب مَا فَقَدْتَه، وَمَعْنَى قَوْلِ أَبي الدَّرْدَاءِ أَن مَنْ تَفَقَّدَ الخيرَ وَطَلَبَهُ فِي النَّاسِ فَقَدَه وَلَمْ يَجِدْه، وَذَلِكَ أَنه رأَى الْخَيْرَ فِي النَّادِرِ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ يَجِدْهُ فَاشِيًا مَوْجُودًا. غَيْرُهُ: أَي مَنْ يَتَفَقَّدْ أَحوالَ النَّاسِ ويَتَعَرَّفْها فإِنه لَا يَجِدُ مَا يُرضِيه. وافتَقَدَ الشيءَ: طَلبه؛ قَالَ:

فَلَا أُخْتٌ فَتَبْكِيهِ، ... وَلَا أُمٌّ فَتَفْتَقِده

وَكَذَلِكَ تَفَقَّدَه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ

؛ وَكَذَلِكَ الافتقادُ؛ وَقِيلَ: تَفَقَّدْتُه أَي طَلَبْتُه عِنْدَ غَيْبَتِهِ. وتفاقَدَ القومُ أَي فَقَدَ بعضُهم بَعْضًا؛ وَقَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:

تَفَاقَدَ قَوْمي إِذ يَبيعونَ مُهْجَتي ... بِجارِيةٍ، بَهْراً لَهُمْ بعدَها بَهْرا

بَهْراً قِيلَ فِيهِ: تَبّاً، وَقِيلَ: خَيْبَةً، وَقِيلَ: تَعْساً لَهُمْ، وَقِيلَ: أَصابهم شَرٌّ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: افتقَدْتُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةً

أَي لَمْ أَجِدْه؛ هُوَ افتَعَلْتُ مِنْ فَقَدْتُ الشيءَ أَفقِدُه إِذا غَابَ عَنْكَ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَسَنِ: أُغَيْلِمَةٌ حَيارَى تفاقَدُوا

؛ يَدْعُو عَلَيْهِمْ بِالْمَوْتِ وأَن يَفْقِدَ بعضُهم بَعْضًا. وَيُقَالُ: أَفقدَه اللَّهُ كلَّ حميمٍ. وَيُقَالُ: مَاتَ فلانٌ غيرَ فَقِيدٍ وَلَا حَمِيدٍ أَي غيرَ مُكْتَرَثٍ لِفِقدانِه. والفَقَد: شرابٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ. وَيُقَالُ: إِن الْعَسَلَ يُنْبَذُ ثُمَّ يَلْقَى فِيهِ الفَقَد فيُشَدِّدُه؛ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>