للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَزهري: هَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما التَّلْبِيدُ بُقْياً عَلَى الشَّعَرِ لِئَلَّا يَشْعَثَ فِي الإِحرام وَلِذَلِكَ أُوجب عَلَيْهِ الْحَلْقُ كَالْعُقُوبَةِ لَهُ؛ قَالَ: قَالَ ذَلِكَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِزُبْرِة الأَسَد: لِبْدَةٌ؛ والأَسد ذُو لِبْدَةٍ. واللِّبْدة: الشَّعَرُ الْمُجْتَمِعُ عَلَى زُبْرَةِ الأَسد؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الشَّعَرُ الْمُتَرَاكِبُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَمنع مِنْ لِبدة الأَسد، وَالْجَمْعُ لِبَد مثلِ قِرْبة وقِرَب. واللُّبَّادة: مَا يُلْبَسُ مِنْهَا لِلْمَطَرِ؛ التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ بَلَدَ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

ومُبْلِدٍ بينَ مَوْماةٍ ومَهْلَكةٍ، ... جاوَزْتُه بِعَلاة الخَلْقِ عِلْيانِ

قَالَ: المُبْلِدُ الْحَوْضُ الْقَدِيمُ هَاهُنَا؛ قَالَ: وأَراد مُلْبِدَ فَقَلَبَ وَهُوَ اللَّاصِقُ بالأَرض. وَمَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَد؛ السَّبَدُ مِنَ الشَّعَرِ واللبَد مِنَ الصُّوفِ لِتَلَبُّدِهِ أَي مَا لَهُ ذُو شَعَرٍ وَلَا ذُو صُوفٍ؛ وَقِيلَ السَّبْدُ هُنَا الْوَبَرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا لَهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ وَكَانَ مَالُ الْعَرَبِ الْخَيْلَ والإِبل وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ فَدَخَلَتْ كُلُّهَا فِي هَذَا الْمَثَلِ. وأَلبَدَتِ الإِبلُ إِذا أَخرج الرَّبِيعُ أَوبارَها وأَلوانها وحَسُنَتْ شارَتُها وتهيأَت للسمَن فكأَنها أُلْبِسَتْ مِنْ أَوبارها أَلباداً. التَّهْذِيبُ: وللأَسد شَعَرٌ كَثِيرٌ قَدْ يَلْبُد عَلَى زُبْرته، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ؛ وأَنشد:

كأَنه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَس

وَمَالٌ لُبَد: كَثِيرٌ لَا يُخاف فَنَاؤه كأَنه التَبَدَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَداً

؛ أَي جَمّاً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: اللُّبَد الْكَثِيرُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدَتُهُ لُبْدةٌ، ولُبَد: جِماع؛ قَالَ: وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى جِهَةِ قُثَمٍ وحُطَم وَاحِدًا وَهُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا: الْكَثِيرُ. وقرأَ

أَبو جَعْفَرٍ: مَالًا لُبَّداً

، مُشَدَّدًا، فكأَنه أَراد مَالًا لَابِدًا. ومالانِ لابِدانِ وأَموالٌ لُبَّدٌ. والأَموالُ والمالُ قَدْ يَكُونَانِ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ. واللِّبْدَة واللُّبْدة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يُقِيمُونَ وسائرُهم يَظْعنون كأَنهم بِتَجَمُّعِهِمْ تَلَبَّدوا. وَيُقَالُ: النَّاسُ لُبَدٌ أَي مُجْتَمِعُونَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لُبَداً؛ وَقِيلَ: اللِّبْدَةُ الْجَرَادُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَلَى التَّشْبِيهِ. واللُّبَّدَى: الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ، مِنْ ذَلِكَ. الأَزهري: قَالَ وقرئَ:

كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً

؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ كَادَ الجنُّ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وتعجَّبوا مِنْهُ أَن يسْقُطوا عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً

؛ أَي مُجْتَمِعِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاحِدَتُهَا لِبْدَة؛ قَالَ: وَمَعْنَى لِبَداً يَرْكَبُ بعضُهم بَعْضًا، وكلُّ شَيْءٍ أَلصقته بِشَيْءٍ إِلصاقاً شَدِيدًا، فَقَدْ لَبَّدْتَه؛ وَمِنْ هَذَا اشْتِقَاقُ اللُّبود الَّتِي تُفْرَشُ. قَالَ: ولِبَدٌ جَمْعُ لِبْدَة ولُبَدٌ، وَمَنْ قرأَ لُبَداً فَهُوَ جَمْعُ لُبْدة؛ وكِساءٌ مُلَبَّدٌ. وإِذا رُقِعَ الثوبُ، فَهُوَ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ ومَلْبود. وَقَدْ لَبَدَه إِذا رَقَعَه وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ لأَن الرَّقْعَ يَجْتَمِعُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ وَيَلْتَزِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخرجت إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كِسَاءً مُلَبَّداً

أَي مُرَقَّعاً. وَيُقَالُ: لَبَدْتُ القَميصَ أَلْبُدُه ولَبَّدْتُه. ويقال لِلْخِرْقَةِ الَّتِي يُرْقَعُ بِهَا صَدْرُ الْقَمِيصِ: اللِّبْدَة، وَالَّتِي يرْقَعُ بِهَا قَبُّه: القَبِيلَة. وَقِيلَ: المُلَبَّدُ الَّذِي ثَخُنَ وسَطه وصَفِقَ حَتَّى صَارَ يُشْبِهُ اللِّبْدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>